رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

رؤى

أعتقد، والله أعلم، أن التكنولوجيا الحديثة قضت على وظيفة التلغراف، وأن المواطنين أصبحوا يستخدمون الواتساب، والماسينجر، والإيميل في نقل بعض ما كانوا ينقلونه بالتلغراف.

زمان كان لجهاز التلغراف موظف خاص يجيد التعامل مع الجهاز، يرسل ويستقبل، وكانت البرقية تحمل مع موظف إلى صاحبها ليلة استلامها، وقد لعب التلغراف أدواراً رئيسية فى بعض الأفلام السينمائية والمسرحيات قديماً، وكان وصولها يترتب عليه العديد من المفارقات الطريفة والمأساوية، وأذكر أننا كنا نرسله فى حالات الوفاة لكى نخطر بعض أقاربنا فى المحافظات الأخرى.

بعد انتشار التليفون في المنازل قل الاهتمام بالتلغراف، وأصبح المواطنون يتواصلون وينقلون أخبارهم الطيبة والمفجعة عبر الهاتف، واعتمدوا على التلغراف فقط فى إرسال برقيات الاستغاثة إلى المسئولين فى الحكومة، وأغلب الظن أن الحكومة بعد فترة من انتشار التليفون قامت بالتخلص من أعمدة التلغراف التى كانت ممتدة على الطرق الزراعية والصحراوية التى تربط بين المحافظات.

عندما دخل التلغراف فى عهد الخديو سعيد، وانتشر فى عهد إسماعيل، ثار سؤال على قدر من الخطورة بين المواطنين والفقهاء، وهو: هل يجوز الصوم على التلغراف؟، هل ظهور هلال رمضان فى مدينة أسوان يلزم سكان القاهرة والمحافظات بالصوم فى حالة إبلاغ ظهوره عبر التلغراف.

بعض الفقهاء لم يعترفوا بالتلغراف، ومن بعده بالتليفون، واشترطوا الرؤية بالعين المجردة فى حضور شهود، البعض الآخر أجاز الأخذ بخبر التلغراف، وقالوا: يجوز، وبعد انتشاره أخذوا به عبر البلدان.

موظف التلغراف كان يحاسب المرسل بالكلمة، وكان كثيراً ما يتدخل فى الصياغة بالحذف لكى يقلل من الفاتورة، وكانت أغلب التلغرافات تتضمن رسالة من ثلاث أو أربع أو خمس كلمات على الأكثر: « الحاج فلان توفاه الله»، وكان الموظف مجاملة لأهل المتوفى يحذف كلمة «الحاج» وكلمتى «توفاه الله»، ويستبدلها بكلمتين: «فلان مات»، الشيء نفسه يحدث فى برقيات الفراح: «عقبال عندكم، يوم الخميس فرح فلانة»، يختزلها الموظف فى: الخميس فرح فلانة».

أغلب الظن أن التلغراف الذى اخترعه مورس وطوره غيره من العلماء، لم يتبق منه سوى كلمة واحدة، وهى: البرقية، وهذه البرقية يتم تبادلها بين المسئولين الحكوميين، من وزير إلى رئيس أو ملك أو أمير فى مناسبة قومية، أو من أمير أو ملك إلى رئيس وبالعكس فى المناسبات القومية والدينية وفى الحوادث، وخلال انتهاء زيارته للبلاد أو بمناسبة عبوره للأجواء الجوية للبلاد. رحم الله صمويل مورس، تلغرافه أصبح مع الزمن مثل: وابور الجاز، ولمبة الجاز، والكلوب، ومبيض النحاس، والترزى، ومكوجى الرجل.

[email protected]