عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

قاعدة «درء الحدود بالشبهات» أقرها الفقهاء لحماية الفرد المتهم من الضرر وافتراض براءته، وعدم إدانته، وإقامة الحدود عليه إلا بعد ثبوت دليل الإدانة ثبوتاً يقينياً قطعياً.. وهى الوجه الآخر للقاعدة القانونية «براءة مائة متهم أفضل من ادانة بريء واحد».. ولكن الفهم القاصر للقاعدتين الإسلامية والقانونية حولهما الى وسيلتين للمنع الكامل والعقاب الجامع، بعد الاختصار المخل للمقصد والمعنى منهما، فى عبارة « درءاً للشبهات»!

وأصبح كل شيء نراه غامضاً، لجهلنا به، سواء كان سلوكا أو رأيا أو حتى اختراعا جديدا.. يتم رفضه ومنعه وإدانته من البداية قبل التحقق منه والتعرف عليه واكتشافه وذلك «درءاً للشبهات».. حدث ذلك مع آراء المفكرين وابتكارات المخترعين.. وكان الرفض دائما بسبب الكسل الفكرى والمشى جنب الحيط فى الأمان، وإراحة الدماغ من التفكير والبحث والتحرى لاتخاذ القرار الصحيح.. ومعظم المسئولين، مع الأسف، يطبقون هذه القاعدة المختصرة والمخلة التى أخرتنا ألف سنة على الأقل، عن الأمم، لأننا ظللنا أسرى هذه القاعدة، التى منعتنا، من التعامل مع كل ما هو جديد فى كل شيء!

ورئيس جامعة الأزهر الدكتور محمد المحرصاوى، طبق هذه القاعدة المخلة مثله مثل كل المسئولين المرتعشين، فى واقعة قيام أحد أعضاء هيئة التدريس بكلية التربية جامعة الأزهر بالقاهرة، بإجبار طلابه على خلع بنطلوناتهم داخل قاعة المحاضرات، وأمام زملائهم، وقام بإقالة عميد الكلية ووكيل الكلية ورئيس القسم وعضو هيئة التدريس المتهم وفصل الطلاب.. ولم يتبق له سوى أن يعزل بقية أعضاء هيئة التدريس بالكلية وفصل كل الطلاب وقفل الكلية بالضبة والمفتاح.. درءاً للشبهات ويريح دماغه ويستريح ويحمى نفسه شخصياً من أن يتهمه أحد أنه لم يتخذ الاجراء المناسب!

وبالطبع لا أحد يقر أو يوافق على ما فعله عضو هيئة التدريس هذا مهما كانت مبرراته.. ولكن للأسف حاول الدكتور المحرصاوى رئيس جامعة الأزهر إبراء ذمته من التقصير، وارتضى على نفسه إدانة واتهام زملائه عميد كلية التربية الدكتور حشمت عبدالحكيم، ووكيل الكلية لشئون التعليم والطلاب ورئيس القسم، وكذلك الطلاب ووضعهم فى قفص الاتهام مع عضو هيئة التدريس صاحب الواقعة، وقرر عزلهم «درءاً للشبهات»، وحتى لا يدخل معهم قفص الاتهام!

وكان من العدل والانصاف من رئيس الجامعة أن يقدم استقالته، هو كذلك ويتحمل المسئولية مثلما فعل مع العميد والوكيل ورئيس القسم، فقد كان فى مكتبه وقت حدوث الواقعة يمارس أعماله مثلما كانوا هم كذلك فى مكاتبهم يمارسون أعمالهم.. بل إن عميد الكلية كان أكثر أمانة وحكمة بأنه أبلغ رئيس الجامعة بالواقعة فور حدوثها وعلمه بها، وأجرى تحقيقا، وقابله فى نفس اليوم وسلمه ملفاً يضم أوراق التحقيق المبدئى فى الواقعة، ليتخذ رئيس الجامعة الإجراء القانونى المناسب والصحيح ضد عضو هيئة التدريس هذا.. ولكن بدلاً من إحالة المتهم الرئيسى للتحقيق ووقفه عن العمل حتى بيان الحقيقة.. تصرف رئيس الجامعة بدافع تأمين نفسه فقط وأقال العميد والوكيل ورئيس القسم وفصل الطلاب.. والحمد لله لم يفصل كل أعضاء هيئة التدريس وكل الطلاب «درءاً للشبهات»!

ولا أعتقد أن ذلك يرضى مولانا الشيخ أحمد الطيب الإمام الأكبر وشيخ الأزهر.. فهو فى النهاية عضو هيئة تدريس، وأب لطلاب، وما يمس كرامة ومكانة الأساتذة والطلاب فى جامعة الأزهر، وفى كل الجامعات، سواء المكانة العلمية أو الأخلاقية فهى فى النهاية تمسه شخصياً، كأستاذ وأب.. ولا يصح أخذ الناس بالشبهات بهذه الطريقة المهينة لهم أمام طلابهم وأسرهم.. «درءاً للشبهات»!

[email protected]