رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ضوء من آخر النفق

بعد «المصحف والسيف» و«صراع الدين والدولة فى مصر» و«الوجه والقناع..الحركة الإسلامية والعنف والتطبيع» و«النص والرصاص».. الإسلام السياسى وأزمات الدولة الحديثة و«الحرية والمراوغة».. يمكن القول ان المشروع الفكرى للباحث الرصين نبيل عبدالفتاح يوشك أن يكتمل، وأصبحت ملامحه أكثر تبلوراً، بإصداره الجديد «تجديد الفكر الدينى».. والذى يصدر فى ظل أجواء من المناقشات «البيزنطية» حول الدين والإشكاليات الدينية، السجينة فى تناول «قشور» وليس «لب» المشكل الدينى.. مبتعدة - إلا فيما ندر-عن مناقشة ما يتصادم مع العقل والمنطق، ويتجاهل السياقات التاريخية والتسلسل الزمنى للأحاديث النبوية، فضلا عن عدم صمود كثير من هذه الاحاديث والطروحات الفقهية فى أى نقاش علمى أو فكرى، وعدم إمكانية ملاءمتها للعصر وثقافته. وخلال العقود الأخيرة حاول مهتمون كثر بقضايا الفكر الدينى طرح اشكالياته السابقة وغيرها على بساط البحث والمناقشة، فيما جرى الاصطلاح عليه بتجديد «الخطاب الدينى»، وهنا أصل القضية التى انتبه إليها نبيل عبد الفتاح؛ الذى رأى أن مناقشة الخطاب الدينى ما هى إلا عرضٌ، وأنها مجرد نتاج لأزمة أكبر وأشمل وهى أزمة التجديد فى «الفكر الدينى»، فالمشكل الحقيقى ليس فى الخطاب وإنما فى الفكر، لأنه الأصل، أما الخطاب فهو تعبير عن الأزمة.

الإشكالية عند نبيل عبد الفتاح هى أسباب الجمود فى التفكير الدينى، بكل ما ينتج عن ذلك من توظيف للدين واستخدام له لخدمة الأهداف التى تريد الترويج لها جهات وجماعات ومؤسسات فى الأمة المصرية وغير المصرية، من اجل مواجهة الواقع السياسى المأزوم بل وشديد الاضطراب. اهتم نبيل بتأصيل أزمة الفكر الدينى والعودة بها إلى جذورها الأولى، ورصد باهتمام شديد نشأة الفكر التسلطى سواء الدينى أو السياسى وأفكار وطروحات جماعات الاسلام السياسى، وازمة العقل التسلطى، والدينى نفسه، بأنواعه «الإخوانى والسلفى الخ» وخلق اجيال ناقلة وليست عقولا ناقدة. كما رصد فى مدارس التجديد السابقة أوجه الخلل فيها وفى بنيتها، مشدداً على أن التجديد فى الفكر الدينى ينبغى أن يبدأ من بنية العقل الإسلامى نفسه.

الذين يتصدرون المنصات الإعلامية - وغيرها- يطرحون الأزمة باعتبارها أزمة «خطاب»، بينما الأخطر هو سيادة نمط التفكير الاستبدادى الذى يخنق الابداع والتفكير، كنتيجة طبيعية لسياسة التسميع والتلقين السائدة فى المجتمعات الإسلامية ومصر فى القلب منها.

 وحسنا فعل حزب التجمع حينما اتاحت نافذته الجديدة «منتدى الشعر المصرى» الفرصة لمناقشة بعض افكار الكتاب، الذى لا يحتاج الى ندوة أو مؤتمر فقط لمناقشته، وانما يحتاج الى «اهتمام دولة»، فمن الغريب أن الطبعة الأولى للكتاب التى صدرت فى 2015 قد نفدت، من دون أن يبدى الأزهر أو علماؤه -كالعادة- أى اهتمام بالكتاب! والحقيقة أن هذا فى حد ذاته ابلغ نقد يوجهه الأزهر بنفسه الى بنفسه، فضلا عن المؤسسات الأخرى ذات الصلة!.

 نحن أمام كتاب مهم، يستدعى إلى أذهاننا افكار الدكتور زكى نجيب محمود وكتابه الأهم «تجديد الفكر العربى»، لتأتى رياح التفكير عند نبيل عبدالفتاح بعد عقود لتصل بنا الى سؤال اللحظة وهو تجديد الفكر الدينى، وما أحوجنا الى كليهما معا فى اللحظة الراهنة.