رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لله والوطن

 ما كشفته صحيفة «واشنطن بوست» بالأمس.. لا أراه جديداً.. أو غريباً.. ترامب ومستشاره زوج ابنته الصهيونى يسيطر على رأسيهما وهم كبير.. اسمه صفقة تسوية الصراع العربى الإسرائيلى عن طريق شراء أو «رشوة» أطرافه المباشرة بحفنة دولارات.. الفلسطينيين بشكل خاص.. مع القفز على القضية الأساسية.. أى قضية الدولة الفلسطينية المستقلة.. وتفاصيلها التى تشمل على سبيل المثال مسائل الأرض والمياه واللاجئين.. والقدس.. وأيضا مع نسف كل مرجعيات وأسس ما سبق التوصل اليه من اتفاقات!

•• الصحيفة الأمريكية

كشفت وفقاً لما تتناقله الآن وسائل إعلام عالمية عن أن خطة ترامب- كوشنير المسماه بـ«صفقة القرن» ستشمل حوافز اقتصادية كبيرة للفلسطينيين تعمل على تحسين حياتهم.. لكنها على الأرجح لا تتضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة كاملة لهم.. ولا تستند على «حل الدولتين».

والمتتبع لما صدر عن واشنطن من أفعال وأقوال منذ بدأت حملة الترويج لصفقة الوهم هذه.. بما فى ذلك الاعتراف الأمريكى بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال وأيضا الزج بالفلسطينيين داخل آتون الأزمات الاقتصادية بمنع كل أشكال الدعم المادى عنهم.. سيرصد بسهولة أن الأمريكيين أسقطوا من حساباتهم مسألة «الدولة الفلسطينية» ويريدون اختزال الأمر كله فى معادلة «الأموال للفلسطينيين مقابل الأمن للإسرائيليين».. وهذه الأموال لن يدفعها الأمريكيون أو الإسرائيليون بالطبع.. لكن تدفعها أطراف عربية أخرى.. أى أن الأمريكيين يصدِّرون الأزمات المالية والمعيشية للفلسطينيين ويساومونهم على حلها بأموال العرب.. مقابل ضمان الأمن لدولة الاحتلال والتنازل الى الأبد عن حل دولتهم المستقلة العادل.. وللأسف يساعدهم قادة بعض الفصائل الفلسطينية على التمادى فى هذا الظلم.. بانقسامهم وصراعاتهم التى تضعفهم وتسوقهم الى القبول بتقديم التنازلات تلو التنازلات..!!.

•• ولكن

هل سيقبل الفلسطينيون.. الشعب وليس القيادات.. بمثل هذه « القِسْمَة الضِّيزَى» التى تجور على أبسط حقوقهم فى العيش داخل دولة مستقلة تقام فوق جزء من أراضى وطنهم المحتل.. وليست أية أرض أخرى.. لا فى سيناء ولا غيرها من أراضى الجيران العرب..؟!

بالطبع لا.. مهما كان الثمن.. ومهما كانت قيمة هذه الرشوة التى لا نستغرب أن تكون هناك قيادات عربية قبلت بدفعها من أموال شعوبها.

أيضا.. لن تقبلها الشعوب العربية والقوى الدولية التى تتمسك بمواقفها القائمة على ضرورة إيجاد حل عادل للصراع الفلسطينى الاسرائيلي.. يقوم على الالتزام بالقرارات الشرعية الدولية وحق الشعب الفلسطينى فى إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.. وهو ما تتمسك به أيضا القيادة المصرية وتعلنه أمام كل المحافل الدولية.. وأكد عليه مؤخراً الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال زيارته للولايات المتحدة ولقائه مع الرئيس الأمريكى ترامب.

•• ماذا يعنى ذلك؟

يعنى أن الأمريكيين لا يريدون فى حقيقة الأمر «صفقة سلام» لكنهم يريدونها «صفقة استسلام» تلتهم ما تبقى للفلسطينيين من حقوق.. وتنتهى بتصفية القضية الفلسطينية.. على طريقة فرض سياسة الأمر الواقع.

وهذا وهم كبير لا يعكس إلا حالة الجهل والسفه التى يعانيها الرئيس الأمريكى وصهره أو «ولى عهده» جاريد كوشنر وفقاً للوصف الساخر الذى أطلقه عليه الكاتب الإنجليزى روبرت فيسك.. والذى نجد من المناسب جداً أن نعيد الإشارة الى رأى فيسك نفسه فى هذه الصفقة.. حيث يشكك فى إمكانية قبول الفلسطينيين بتسوية الصراع مع إسرائيل مقابل المال بعد ثلاث حروب بين العرب وإسرائيل.. وعشرات الآلاف من القتلى وملايين اللاجئين.. مؤكدا أن «كوشنر»- وتابعه ترامب فى رأينا- تسيطر عليه الأوهام إن كان يعتقد أن هذه الصفقة ستنجح.. وأن الفلسطينيين الذين خسروا وطنهم قبل نحو 70 عاماً لم يتظاهروا مرة واحدة فى شوارعهم المدمّرة طلباً لشوارع أفضل أو مناطق حرة خالية من الضرائب.. فكيف يمكن لكوشنر أن يُهين كل الشعوب العربية بمطالبتهم بمقايضة حرّيتهم واستقلالهم وسيادتهم وكرامتهم وهويتهم بالمال..؟!

•• باختصار: «صفقة القرن» ليست إلا وهماً كبيراً سرعان ما سيتحول الى سراب بعد أن يرحل ترامب عن «العرش الأمريكي».