رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

حكاية وطن

لست أنا التلميذ الذى تفوق على أستاذه، فكل ما حدث أننى كنت أحبو فى حقل الكتابة البرلمانية، وكان محمود معوض عميد المحررين البرلمانيين، ونائب رئيس تحرير الأهرام، والمشرف على القسم البرلمانى، وصاحب أهم صفحتين تصدران أسبوعياً كانتا حديث الصباح والمساء على مكاتب الحكومة ومجلس الشعب، وفى يد القراء فى الشارع.

فى أكتوبر عام 93 منحنى الأمن تأشيرة دخول البرلمان بغرفتيه الشعب والشورى للعمل محرراً برلمانياً لجريدة الوفد، أنا والزميل العزيز جهاد عبدالمنعم- شاء القدر أن يتعرض جهاد لإصابة فى ساقه خلال مباراة كرة قدم قبل اجتيازنا التحريات الأمنية المطلوبة لاستخراج تصاريح دخول البرلمان، وسبقته إلى هناك بحوالى عدة شهور، أواجه الأمواج المتلاطمة فى بحر السياسة والصحافة والمنافسة بين جيل من الصحفيين أغلبهم حاليًا رؤساء تحرير صحف كبرى وقيادات فى مواقع مختلفة، حرصت فى أول أيامى للحصول على «كتالوج» البرلمان، كنت أحتاج إلى خريطة تحركات أصل من خلالها إلى مواقع اللجان البرلمانية فى المجلسين، كنت أدور حول المبانى وأعود إلى أول نقطة بدون صيد وهو الأخبار، كنت خارجاً من تجربة ثرية فى قسم الحوادث بالوفد، وأول تعامل لى مع الأخبار المحلية حتى ولو كانت فى مطبخ البرلمان، وقفت أمام باب مكتب مفتوح راقبت حركة الداخلين والخارجين، وشاهدت أحدهم يحمل فوق كتفه كميات كبيرة من التقارير تشجعت ودخلت المكتب، وعرفت أنه مكتب صحافة مجلس الشورى ويديره الأستاذ سمير عبدالعاطى قدمت نفسى لسمير، أنا المحرر البرلمانى الجديد لـ«الوفد»، رحب بى، وأخرج من درج مكتبه كتيباً صغيراً قال لى هذا تقرير مهم سيناقشه مجلس الشورى فى أولى جلساته هذا الأسبوع.

التقرير كان عبارة عن طلب تقدم به 120 نائباً بمجلس الشورى لاستيضاح سياسة الحكومة الاقتصادية، ووجه رئيس المجلس الدكتور مصطفى كمال حلمى الدعوة لمعظم وزراء الحكومة، وعلى رأسهم المجموعة الاقتصادية للرد على ما ورد فى التقرير من تساؤلات للنواب، كانت هذه الفترة تواجه فيها الحكومة مشكلات فى الاقتصاد واتهامات بإهدار المال العام وسرقته ومحاباة للمقربين من السلطة، وتساهلاً فى أراضى الدولة، ومزايا للمستثمرين لا يواجهها عائد على خزانة الدولة كما عرفت هذه الفترة سكة زواج المال بالسلطة قرأت التقرير وأعددت له ملخصاً وأرسلته بالفاكس إلى «الوفد».. قرأه الأستاذ عباس الطرابيلى مدير التحرير وأثنى عليه واتصل بى قائلاً: ممتاز أول الغيث قطرة، وقرر نشره مانشيت الجريدة، وصدرت الوفد فى الصباح تحمل أول مانشيت باسمى من البرلمان من أول يوم، واشتريت الجريدة من ميدان التحرير ودخلت البرلمان وذهبت إلى مكتب صحافة الشورى لأجد مفاجأة فى انتظارى.

المفاجأة التى لم أتوقعها ولكنها كانت مفتاح انطلاقى فى الكتابة البرلمانية الدقيقة التى تحولت إلى صداع دائم فى رأس الحكومة والبرلمان، وهى أنه أجد أمامى وحش الكتابة البرلمانية محمود معوض، عرفت أن الانفرادات الصحفية مسجلة باسمه هو الأستاذ الذى تصب عنده المعلومة بخبراته وإمكاناته وعلاقاته القوية ونزاهته وأمانته وصدقه وترفعه عن الماديات وزهده فى مباهج الدنيا، صافحنى «معوض» وتعرفت عليه وقال لى: برافو، كانت برافو الثانية، من بعد الثناء الذى نلته من الأستاذ عباس الطرابيلى، وقال لى معوض المانشيت بتاعك، أزعجنى فى مجلس تحرير الأهرام واضطرنى إلى الحضور فى هذا الوقت المبكر إلى مجلس الشورى لأسأل عنك، قال لى انت تفوقت علىّ، وضحك وأخذنى من يدى وطاف بى على كل مكاتب مجلسى الشعب والشورى، وقال لى هؤلاء الذين قابلتهم هم مفاتيح المعلومات، انطلق وانفرد كما تشاء، كنت أطلبه عندما احتاج النصيحة، وكان كريماً ليس معى فقط، ولكن مع جميع المحررين البرلمانيين، كان رئيساً للشعبة، ورفض السفر إلى الخارج مرافقاً لمجلسى الشعب والشورى قال: قطعت عهداً على نفسى ألا أسافر وأنا رئيس للشعبة، أنتم أولى بالسفر منى، كان محمود غنياً جداً بأخلاقه ومبادئه وعفة لسانه وطهارة يده، لم يلهث وراء ذهب المعز ولم يهدده سيفه، كانت كتاباته ممتعة وجملته رشيقة ولكنها كانت كالسيف البتار. رحمك الله يا أستاذ محمود معوض وألهم أسرتك وتلاميذك الصبر والسلوان وداعاً يا أستاذى.