رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

كما بدأ انقلاب إخوان السودان فى الجبهة الإسلامية القومية  بكذبة، يسعون الآن للحفاظ على مواقعهم حتى الرمق الأخير، بكذبة جديدة. وقبل نحو ثلاثين عاما، اعترف زعيم الجبهة الإسلامية  القومية الدكتور حسن الترابى أنه هو من رسم خطة التمويه على الداخل والخارج، لإبعاد الشكوك بأن انقلاب يونيو عام 1989 تقوده جماعة الإخوان السودانية، فقال للبشير، اذهب أنت للقصر رئيسا، وأذهب أنا للسجن حبيسا. وجاء ذلك الانقلاب برغم أن الجبهة الإسلامية التى جاءت من صلب  جماعة الإخوان المسلمين، كانت تشكل التكتل الثالث فى برلمان منتخب، وكان زعيمها وزيرا للخارجية، ليتأكد أن المنهج الثابت لحركات الإسلام السياسي فى الحكم هو السعى للهيمنة واستخدام آليات الديمقراطية لإقصاء الآخرين، ثم العداء كليا للمنهج الديمقراطى، الذى يرسى قواعد التداول السلمى للسلطة، لما يملكه من قدرة على كشف ضعف مشروعها، وتناقض أفكارها، بجانب متاجرتها بالدين. وليس بعيدا ما يجرى الآن  فى تركيا، من رفض لنتائج انتخابات، تقدم فيها معارضو الحزب الحاكم، النسخة التركية من الإخوان.

وخلال ثلاثين عاما من حكمه، حول عمر البشير مؤسسات الدولة القومية إلى مؤسسات حزبية تابعة له شخصيا، عبر اجراءات تتسم بالبطش والعنف والإرهاب. فصفى الجيش من قيادته العسكرية ذات الكفاءة المهنية، وأعدم عددا من ضباطه بتهم  ملفقة هى محاولة إسقاط النظام، وصفى بالفصل والنقل والتشريد  مؤسسات الخدمة المدنية من كوادرها الفنية المدربة، ليحل مكانهم من ينتمون للجبهة الإسلامية، بعد أن ساد مبدأ الولاء بدلا من الكفاءة، كما ألغى الأحزاب والاتحادات النقابية والجماهيرية.

وكان من الطبيعى أن تسفر تلك السياسات الاستبدادية، عن تدمير النسيج الاجتماعى والاقتصادى والسياسى للبلاد ونهب ثرواتها، وهو ما تجلى  بإشعال  الصراعات القومية والطائفية والدينية، وتهيئة المناخ لحروب أهلية فى معظم أقاليم السودان، وانفصال الجنوب عنه، بعد أن قال البشير إذا كان الخيار بين الجنوب وبين تطبيق الشريعة، فليذهب الجنوب إلى الجحيم، فشكل الجنوبيون دولة مستقلة. وأصبح السودان خلال سنوات حكم يرفع رايات دينية، موطنا لإيواء وتدريب وتمويل عصابات بن لادن، وفصائل الإرهابيين الفارين من جبال تورابورا فى أفغانستان، فضلا عن المعارضة المسلحة لدول الجوار، سعيا لزعزعة استقراها، بالإضافة للوهم الذى تلبس كلا من الترابى والبشير، بأن السودان بات مرتكزا لتحقيق الأممية الإسلامية، وتنفيذ المشروع الإسلامى الحضارى، الذى بشر به انقلاب الإنقاذ، فقاد لخراب السودان. ولا ضير بعد ذلك من أن يدفع نحو عشرة ملايين من أهل السودان دفعا  إلى الهجرة خارجه، بحثا عن لقمة العيش، معظمهم  من اكفأ الكوادر من الأطباء وأساتذة الجامعات والقضاة  وموظفى الخدمة المدنية والمحامين والحقوقيين وغيرهم.

« يسقط بس» كان هو الشعار الرئيسى  الذى رفعه الحراك الشعبى السودانى على مدار أربعة أشهر، مستهدفا البشير ونظام الإنقاذ برمته، موضحا أن الحراك يهدف لحكم مدنى تحميه المؤسسة العسكرية لتحقيق العدالة والسلام والكرامة. وحين يخرج عليهم وزير الدفاع والنائب الأول للبشير الفريق أول عوض بن عوف الذى يرتبط بعلاقة نسب معه، ومطلوب قبله للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، بتهم جرائم حرب فى دارفور، ليعلن عن اقتلاع النظام والتحفظ على البشير بعد اعتقاله في مكان آمن، فضلا عن اجراءات اخرى مرتبكة وغامضة، يحق للشعب السودانى، أن يرفض تلك الاجراءات، ويعدها جزءا من انقلاب مدبر داخل القصر، وأن يعلن العصيان المدنى، حتى يستجاب لمطالبه المشروعة.

 كما يغدو من الضرورى مطالبة المجتمع الدولى عبر مؤسساته الدولية، الاستعداد لحماية العصيان المدنى السلمى، من احتمالات بطش دموى به من مدبرى انقلاب القصر وأعوانهم.