رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

كلهم بوجهين.. واحد حقيقى يرونه لوحدهم، والآخر مزيف يراه كل الناس..هؤلاء هم أصحاب الوجوه التى تطل علينا من الصحف وشاشات التليفزيونات، وتمر أمامنا فى الشوارع، وتقابلنا فى المصالح الحكومية، والمدارس والجامعات والمستشفيات، ونراها على المقاهي، وفى الشبابيك والبلكونات.. كلها قد تبدو حقيقية ولكنها تخدعنا بلا خجل.. فهى المزيفة،التى يحبون أن يظهروا بها امام الجميع، أما الأصلية تختفى خلفها، وتظهر فقط عندما تنطفأ أنوار الغرف عليهم، وتتراقص امامهم بملامحها الطبيعية فى ظلام الليل قبل أن يناموا.. ولا يجرؤون حتى على محاسبتها، لأنهم أدمنوا الكذب على أنفسهم قبل ممارسته على الآخرين!

هؤلاء هم الذين يدعون المعرفة والحكمة فى كل شيء، وأنهم يعلمون بواطن الأمور، ويعرفون كل المشاكل وحلولها..وهم فى الحقيقة ليسوا إلا مجموعة من الجهلة والحمقى لا يستطيعون حتى إدارة حياتهم لأنهم أبعد ما يكونون عن الحكمة والعلم.. هؤلاء منتشرون فى كل مكان.. ربما ترى واحدا منهم أو عشرة فى البرلمان أو الحكومة، وفى المحاكم، وأقسام الشرطة.. ونراهم فى المؤتمرات السياسية والعلمية والاقتصادية والاجتماعات واللجان واللقاءات.. وحتى على منابر المساجد وفى بهو الكنائس والمعابد..وممكن كذلك فى الميكروباص!

هؤلاء الذين يحاربون الفساد وهم فسدة.. ويرون أنفسهم بلا خطيئة وكلهم ذنوب، ويعظون بالحكمة والموعظة الحسنة، ومعظمهم محتالون ونصابون واغبياء، وأبعد ما يكونون عن الذكاء ولكن ملكتهم الوحيدة الحفظ والترديد بدون فكر أو تفكير.. ومن حظوظهم انهم يتحدثون الى مجموعة من المُبلِمين والمُتنبِّلين، الذين لا يريدون أن يفكروا، أو يبحثوا لأنهم اتكلوا على من يفكر بدلاً منهم، ويعمل بدلاً منهم حتى لا يحاسبهم أحد ولا يحاسبون أحدا!

الكل أصبح سياسياً بدون عمل سياسي، واقتصاديا بلا عمل، ومفكراً دون قراءة كتاب واحد.. وأسطى ومعلما وهو لم يشتغل بيديه، ولم يتعلم أو يعلمه أحد، ويتكلم فى العلم والفكر والطب والهندسة وهو يفك الخط بالعافية.. حتى فى الكورة يفهم ويحلل وينتقد مع أنه لم يلعبها ولم يدرسها ولم تلمس قدمه كورة أو أرض ملعب!

هؤلاء هم نحن جميعا فى الحقيقة.. وسنظل هكذا خطائين وكذابين وفشلة طالما الكل يدعى أنه لا يخطئ ولا يَكذب ولا يفشل.. وطالما الكل يتصور أنه الأفضل والأحسن والأعلم والأقدر.. نحن نحتاج أن ننزل من السماء الى الأرض، وألا نتعامل مع أنفسنا على أننا أنبياء ورسل وملائكة.. ولا نعتبر أنفسنا قادمين من أيام المصريين القدماء نصنع لذواتنا تماثيل أو لأساطيرنا المزيفة معابد.. نحن نريد أن نكون بشراً، وأولاد اليوم.. نتربى ونتعلم من جديد.. والأهم من كل ذلك نعرف كيف نعتذر عن جرائم ارتكبناها فى حق أنفسنا قبل الآخرين!

[email protected]