رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

صفحات من الزمن الجميل ( ٣ )

ــ  لم يمض علي عملي تحت التمرين في «آخر ساعة » سوي عام، وكان هذا في عام ١٩٥٧، عندما دخلت علي الأستاذ محمد حسنين هيكل في مكتبه بصفته رئيس التحرير، استأذنته في مصور لوجود موعد مع زكريا محيي الدين وزير الداخلية في بيته، وكان في ذاك الوقت يمثل القبضة الحديدية لجهاز المخابرات ووزارة الداخلية في مصر ولا يقابل أحدا حتي رؤساء تحرير الصحف.. فنظر لي الأستاذ هيكل في استغراب وهو يسألني.. أنت طبيعي أم مجنون.

ــ اتجهت إلي الباب لأغادر مكتبه فناداني.. وسألني أنت تعرف السيد زكريا محيي الدين من إمتي.. قلت..أنا أعرف عيلته.. فقد كان ابن أخته «طارق مخيمر» زميلي في المدرسة، وكثيرا ما كان يدعوني إلي تناول الغداء عنده في البيت، فكنت أرى خاله زكريا محيي الدين عندهم يزور أخته، كان يقابلني بترحاب.. ولما انضممت للعمل تحت التمرين في «آخر ساعة» طلبت منه أن أجري مقابلة في بيته وأصوره مع أولاده ويومها تدخلت أخته والدة طارق وقالت له «الناس عايزة تشوف زكريا محيي الدين من غير تكشيرة» فضحك وطلب مني أن اتصل به وأعطاني رقم تليفونه في البيت.

ــ ابتسم الأستاذ هيكل وطلب أن أجلس أمامه، وسألني هل أخذت موعدا، قلت اتصلت به أمس فحدد لي موعدا الليلة في بيته، ثم رفع الأستاذ هيكل سماعة التليفون وطلب من حسن دياب المصور أن ينزل معي «ويبدو أن دياب سأله مع من» لأني سمعت الاستاذ هيكل بيقول له..محرر تحت التمرين.. وبعد أن أنهي التليفون طلب مني أن أذهب إلى قسم التصوير حيث ينتظرني حسن دياب..استقبلني ببرود وهو يستهزئ بي ويقول «أنت متأكد من الكلام اللي قلته للأستاذ هيكل، يا ابني راجع نفسك، الأستاذ هيكل لو اكتشف أنك كداب هيرميك بره أخبار اليوم».. لم أرد عليه.

ــ ونزلنا وركبت معه في سيارته واتجهنا الي منشية البكري وأمام بيت الرئيس جمال عبدالناصر أشرت له علي بيت زكريا محيي الدين ووقفنا امام العمارة، وإذا برجال الحراسة يلتفون حول السيارة وبمجرد ما قلت لهم عن اسمي، طلبوا السيارة لإيداعها الجراج ومجموعة أمن أخري رحبت بنا واصطحبتنا إلى الأسانسير حيث وقف بنا في الطابق الأول، وتسلمتنا مجموعة حراسة أخري، كنت أطل في وجه حسن دياب وكأني أقول له «ياراجل اتق الله».

ــ انفتح باب الشقة واستقبلنا زكريا محيي الدين بنفسه بابتسامة ترحيب وكان يرتدي بنطلونا وقميصا وفوقهم روب حرير أخضر، وجلسنا في الصالون وقدم لنا شيكولاته، ثم سألني عن أحوالي وهل أنا مبسوط بالعمل مع هيكل، قلت له للأسف الكبار في آخر ساعة يتعاملون معنا كأصحاب بناطيل شورت، ويوم أن يسمح لنا الأستاذ هيكل بحضورنا الاجتماع الاسبوعي يعترضون.. سألني عن راتبي قلت ثلاثة جنيهات في الشهر لأننا مازلنا تحت التمرين.

ــ ويأخذنا الكلام ووجدت نفسي أقول له، الناس يا افندم عايزة تعرف يوم الإجازة بيبقي إيه في حياتك.. ضحك وقال..  مديحة بنتي بتستحوذ عليه لكن أخوها محمد غلبان معاها لأنه طفل، وتركنا لحظات ثم عاد لنا وهو يحمل محمد بين ذراعيه ومديحة تجر في لعبها.. وكانت فرصة أخونا حسن دياب هات يا تصوير، ثم طلب من وزير الداخلية أن يجلس مع مديحة ومحمد علي الارض، ثم قام الوزير ورفع محمد في الهوا وكانت هذه الصورة غلاف «آخر ساعة»..وقال لي زكريا محيي الدين اعتدت في يوم الجمعة أن أزور حماتي في بيتها بالدقي، وأحب أسوق عربيتي بنفسي.

ــ وينتهي الحوار ويجمع دياب أجهزته، ونستأذن الوزير للانصراف.. ويسألني حسن دياب ونحن في الطريق إن كان في نيتي أروح بيتنا فهو علي استعداد لتوصيلي، اعتذرت وحاول أن يرضيني، وأنا أعرف أنه في داخله حقق نصراً بالصور النادرة لزكريا محيي الدين..لقد تصورت أن الموضوع عادي ثم اكتشفت أن غلاف «آخر ساعة» يتزين بصورة الوزير وابنه محمد الذي صار الآن شخصية برلمانية لها وزنها، لقد نشر ريبورتاج مصور علي ٨ صفحات، واكتشفت ايضا أن اخبار اليوم طيرت الصور لوكالات الانباء، ولأول مرة يسمع عني الأخوان مصطفي وعلي أمين ويصلهما اسمي.

ــ وتحدث المفاجأة.. ويطلب مني موظف الاستعلامات أن أقابل السيد العضو المنتدب الدكتور سيد أبوالنجا، توقعت شيئا ما ولم اتوقع القرار الذي أطلعني عليه.. قال لي مبروك الأستاذ هيكل أصدر قرارا بتعيينك محررا في آخرساعة، ومنحك شريطة زيادة عن زمايلك، عرفت أنني أخذت راتب ١١جنيها، وزملائي من بينهم طارق فودة وحمدي قنديل ورجاء مكاوي كل منهم عشرة جنيهات.

ــ الى هنا تنتهي هذه الحلقة ونستكمل الحوار عن علاقتي بوزير الداخلية، وكيف حولتني إلي صحفي مشاغب.. وماذا حدث عندما التقطت صورا للمرحوم والده عبد المجيد باشا محيي الدين وهو يركب الحمار في عزبته بكفر شكر.

 

[email protected]