رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

بدون رتوش

لم تعد للقمم العربية أى فاعلية لا سيما أن كل ما بات يسيطر عليها هو الخلافات فى المواقف. والنموذج القمة التى عقدت الأحد الماضى فى تونس وبدت كسابقاتها شكلية لم تسفر عن أية حلول لقضايا المنطقة. ولهذا لم يعد أحد يراهن على النتائج التى تتمخض عن عقد هذه القمم. ولذا يتمنى المرء أن تطوى صفحتها وتبادر بالرحيل. لقد هيمن على القمة الأخيرة الخلافات والتباينات فى مواقف الدول وهو ما حال دون التوصل إلى مواقف واحدة متماسكة. ومن أجل هذا فإن الشعوب العربية ملّت الصور التى تعكسها هذه القمم، ومن ثم غدا الكثيرون لا يعبأون بانعقادها، فهى لا تخرج عن أن تكون مجرد فقاعات فى الهواء لا يقيم أحد لها وزناً. لقد أضعف قمة الأحد الماضى موجة التطبيع التى تبنتها دول خليجية مع إسرائيل والتى سبقت انعقادها، وهو ما دعم موقف الكيان الصهيونى وزاد من نهمه للتغلغل فى المحيط العربى، ولهذا جاءت قرارات القمة حبراً على ورق، ولم تحقق شيئاً على مستوى العمل العربى المشترك.

ظهرت المفارقة فى التضاد فى وجهات النظر عندما أدان المجتمعون اعتراف أمريكا بسيادة إسرائيل على الجولان بينما لم يتفقوا على عودة سوريا إلى مقعدها الشاغر فى الجامعة، وهو ما جسد العار فى أن يستمر إقصاء سوريا عن الجامعة وهى إحدى الدول الرئيسية المؤسسة لهذه المنظومة. وبالتالى ما كان للقمة أن تنعقد بدون عودة الروح إليها ممثلة فى سوريا العروبة واستعادتها لمقعدها الذى أقصيت عنه ظلماً وعدواناً. وهكذا افتقدت قمة تونس وجود سوريا وتفعيلها لدورها ومواجهتها لأشرس المشاريع الاستعمارية فى المنطقة تلك التى منحت إسرائيل السيادة على الجولان المحتلة، فكان أن ظهر جدول أعمال القمة فارغاً حيث خلا من القضايا القومية المركزية.

غابت عن القمة القرارات والخطوات العملية التى كان يمكن أن تضع حداً للعنجهية الأمريكية الصهيونية. غاب وجود تحرك عربى فاعل ومؤثر بالنسبة للقضايا التى طرحت فى القمة. ظهر العالم العربى فارغ المضمون يفتقر إلى صمام أمان يحميه من قادم الأيام. ظهر مبعثراً زاخراً بالتناقضات والخلافات والتباين فى المواقف. كل ما سيطر عليه هو المظهرية الكاذبة، فبدا منفصلاً عن العالم غارقاً فى مشاكل يستعصى عليه حلها. وبالتالى ظهرت القمة عاجزة فلم تعكس إلا الرتوش الخارجى والطقوس البروتوكولية. أما تفعيل المواقف والقضايا فتعذر عليها الاقتراب منها. ولهذا أدرك الجميع مسبقاً أن آية قرارات تتخذ لن يكون لها آية فاعلية ولن تترجم إلى أفعال على أرض الواقع. ولا شك أن اختلاف المصالح والأهداف والرؤى والأولويات المختلفة لكل دولة أفقد الجميع الثقة فيها.

أثبتت القمة بآدائها أن العرب لا يملكون مشروعاً وأنهم باتوا فى التيه، وأن النظام العربى الذى تجسده الجامعة بات فى حالة موت سريرى وينتظر الجميع الإجابة عن السؤال الذى طرحه الشاعر نزار قبانى فى قصيدته «متى يعلنون وفاة العرب»؟ وكأنه كان يتنبأ بالمآل الذى وصل إليه العرب اليوم. وهو مصير يلحق بكل من كان غير قادر على مواجهة مرآة ذاته المتصدعة التى لا تملك خياراً لها سوى الإعلان عن وفاتها. وهى النهاية الحتمية التى تؤكد عمق الجرح من هذا الواقع المتردى الذى وصل إليه حال العرب اليوم.