عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

يتعجبون الآن ويسألون: لماذا  انهارت الأخلاق والمبادئ والقيم فى مصر؟!.. كيف سادت ثقافة الفوضى ولغة الإسفاف والبذاءة؟!.. لماذا لم يعد الصغير يحترم الكبير ويوقره؟!.. والتلميذ يحترم معلمه  ويبجله؟!.. والابن يحترم أباه ويقبل يديه ويعتبره  مثله الأعلى؟!.. لماذا نهين علماءنا  ونتجرأ عليهم ونسبّهم ونسخر منهم؟!.. لماذا سادت لغة التخوين والوشاية والتجسس والوقيعة؟!.. لماذا سادت الأغانى الهابطة والأفلام الخليعة والبذيئة والبرامج التليفزيونية المسفة الساذجة؟!.. لماذا نبنى بيوتاً قبيحة تضر الناظرين؟!.. لماذا لم نعد ننزعج عندما  نشاهد أكوام القمامة فى شوارعنا؟!.. لماذا افتقدنا الشهامة والجدعنة واستبدلناها بالتناحة والوقاحة؟. فى الماضى عندما  كانت تقع حادثة فى الطريق ينشغل الناس بإبلاغ الإسعاف أو  مساعدة الضحايا ونقلهم الى المستشفيات لإنقاذهم.. الآن ينشغل الناس بالتقاط الصور والفيديوهات لتشييرها بينما الضحايا ينزفون دماً.. ما هذه الوقاحة؟!.. لماذا لم تعد الرياضة أخلاق.. ولم تعد السواقة أخلاق؟!

سألت ذات مرة، الراحل الأستاذ جمال بدوى رئيس تحرير الوفد الأسبق وكان يتمتع ـ رحمه الله ـ بثقافة نادرة.. عن سبب كل هذه الانهيارات  التى أصابت أخلاقنا وتصرفاتنا وسلوكياتنا.. قال الرجل وباختصار: «النهضة الثقافية هى أساس  نهضة الأمم، ولا بد أن يعقبها نهضة سياسية وصناعية واقتصادية واجتماعية، وعندما تنهار الثقافة فى أى مجتمع، تفسد العقول وتنهار الشعوب». كل شىء يفسد  حتى الهواء الذى نستنشقه.

الحضارة الفرعونية العظيمة لم تصنعها العضلات.. ولكن صنعتها العقول.. والعقول صنعها الفكر المستنير.. والفكر المستنير هو صنيعة حرية الإبداع.. والحرية يحكمها تعليم جيد وثقافة واعية.. هكذا استطاع الفراعنة بعلمهم وثقافتهم بناء أعظم حضارة فى التاريخ.. فقد كانوا خبراء فى علوم الفلك والطب والهندسة والعمارة والتخطيط والزراعة والصناعة والرى.. وكانوا على دراية كبيرة بالثقافة والفكر والإبداع.. تركوا لنا كل هذه العلوم على جدران معابدهم وفى بردياتهم التى ما زالت تحمل الكثير من الأسرار فى كل علوم الحياة.

أيضاً عقب ثورة 1919 بزعامة خالد الذكر سعد زغلول، وتولى حزب الوفد السلطة، شهدت مصر نهضة ثقافية وفكرية وإبداعية كبيرة.. ترتب عليها أن أنتجت مصر أفضل ما لديها من مفكرين ومبدعين فى كل المجالات.. فى الثقافة أنتجت مصر عباقرة  أمثال زكى نجيب محمود وعباس العقاد، وطه حسين، وتوفيق الحكيم وثروت عكاشة ونجيب محفوظ ومصطفى محمود ويحيى حقى وغيرهم.. وفى المسرح أنتجت  جورج أبيض ونجيب الريحانى، ويوسف وهبى وغيرهم.. وفى الغناء عبدالوهاب وأم كلثوم.. وفى الاقتصاد والصناعة طلعت  حرب وسيد ياسين وعبود باشا.. كان هؤلاء هم زادا للأمة.. كانوا بعقولهم المستنيرة ووعيهم وإدراكهم ووطنيتهم ينيرون الطريق لأبناء الأمة ويغذون لديهم كل المعانى السامية.. لذلك كانت مصر وقتها تعرف العيب والإخلاص، وقيمة العمل، والأمانة والحب والتسامح والعدل وحق الجار وحق المواطن وحق الوطن.

وعندما تخلت الدولة عن الثقافة، عن غذاء الروح، ضاعت صناعة السينما، وانهار المسرح، وضاعت الأغنية والرواية، وضاعت معها كل القيم والأخلاق والمبادئ والعادات والتقاليد.. ومن ثم انهار كل شىء.. كان الرئيس الأسبق مبارك يكره الثقافة والمثقفين، ويتعامل معهم مثلما كان يتعامل الحكام مع الشعراء فى الجاهلية.. إذا مدحه أحدهم، ألقى إليه صرة مليئة بالدنانير.. وإذا ذمه أحدهم أمر بقطع رقبته.. لذا انحسرت الثقافة فى عهده داخل دائرة النخبة فقط.. وضاع كل ما هو متعلق بما يسمى بالثقافة الجماهيرية.

أعيدوا إلى وزارة الثقافة دورها الأساسى فى تنمية العقول لإنقاذ الأمة.