رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

بمناسبة اتجاه الحكومة لإصدار قانون يرتب الفصل لكل من يثبت تعاطيه للمواد المخدرة من العاملين بالدولة والقطاع العام، ونظرا لأنني سبق وأن عملت وكيلا للنائب العام للمخدرات لفترة طويلة، ولدي معلومات كثيرة عن هذا الموضوع، فأردت ان أبدى ملاحظاتي عن القانون المزمع إصداره.

اثناء عملي السابق بنيابة مخدرات القاهرة، تعاملت - بحكم وظيفتي - مع متهمين كثُر، سواء بالتهريب او الاتجار او التخزين او حتى التعاطي، وربما تكون لدي معلومات قد تخفي على البعض من اولي الامر من القائمين على اصدار مثل هذا القانون. أولا: هناك نوعان من المخدرات، الأول وهو ما يصير الإدمان عليه، مثل الافيون ومشتقاته كالهيروين والكوكايين وجميع المواد المخلقة من النباتات الطبيعية. هذا النوع من المخدرات هو الذي يصير عليه الإدمان، وبالتالي يصعب على متعاطي هذا النوع الإقلاع عنه، لأنه عند التوقف عن تناوله يصاب باضطرابات نفسية شديدة.

اما النوع الثاني: مثل الحشيش والبانجو، فهذا النوع من المواد المخدرة لا يصل بالأشخاص المتعاطين لها الي درجة الإدمان، بمعني ان المتعاطين مثل هذه الأنواع عند محاولتهم الإقلاع عنها لن يصابوا بأي اضطرابات سواء جسمانية ام نفسية خطيرة تحول بينهم وبين التوقف عن تناولها، فالمتعاطون في هذه الحالة هم أقرب ما يكونون من أصحاب العادة، كمن يعتاد على شرب الشاي او القهوة او السجائر. وعلى ذلك فإن الذين يتعاطون مثل هذه المواد من السهل جدا عليهم ان يتوقفوا عن تناولها، بعكس النوع الأول من متعاطي المخدرات.

وترتيبا على ذلك، لابد عند فحص العاملين من متعاطي المواد المخدرة ان نفرق بين كل نوع من تلك الأنواع، وان نعطي لهم - حسب حالته - الفرصة للعلاج والتعافي من هذا الداء اللعين، فإذا استطاع العامل التخلص من المادة المخدرة يعود لعمله، اما إذا كان المتعاطي من النوع الأول ولم يجد العلاج معه نفعا، ففي هذه الحالة ينقل الي عمل لا شأن له بالجمهور وبحيث لا يكون على درجة عالية من الحساسية، وهكذا لا يطبق مبدأ الفصل من عمله، خاصة ان شرط عدم تعاطي المخدرات لم يكن من الشروط المطلوبة بداية عند تولي الوظائف.

وغني عن البيان، ان العاملين بالدولة - بعد فترة من تعيينهم - يكونون قد شكلوا اسرة من زوجة واولاد وربما يعولون ابا او اما، وبالتالي يصعب علي الدولة حرمان مثل هذه الاسر من حقها في الحياة بسبب تعاطي عائلهم المواد المخدرة. ومن هنا، فإنني اتصور ان القانون المزمع صدوره، يجب ان يشتمل على شرط عدم تعاطي المخدرات بالنسبة للعاملين الجدد، ولكن بداية وقبل كل شيء لابد من الإعلان رسميا وعلى نطاق واسع عن هذا الشرط، لاسيما ان متعاطي المخدرات لا تقل نسبتهم عن 50 % من الشباب، ومن الصعب استبعاد هذا الكم من العمل في الدولة.

يبقي امامنا بعد ذلك حالة المرضي ممن تضطرهم الظروف الصحية لتناول المواد المخدرة، كمرضي النزلات الشعبية (الكحة) فجميع الادوية المعالجة لهذه الحالات المرضية يدخل في صنعها المواد المخدرة. وبالتالي، فإن مبدأ الفصل من العمل لمن يثبت تناوله المواد المخدرة، لا يمكن الاخذ به على اطلاقه. فلو أضفنا لذلك، انه لا توجد دولة في العالم استطاعت القضاء على المخدرات، بل ان هناك من الدول من اباحت تعاطي بعض الأنواع كالحشيش والبانجو، باعتبارها من الحريات الشخصية، فضلا عن ان هذه الأنواع من السهل الاقلاع عنها إذا أراد الشخص، كل هذا ما يدفعني الي للمطالبة بالتروي قبل إقرار مبدأ الفصل لمن يثبت تناوله للمواد المخدرة.

خلاصة القول، انني ضد من ينادي بفصل متعاطي المخدرات من العمل، دون ان نعطي له الفرصة للاستشفاء من هذا المخدر اللعين، لاسيما وان مثل هذا الشرط لم يكن ابتداء من شروط التعيين للوظيفة، فمن غير المتصور بعد ان يكون الموظف قد رتب حياته على وظيفته وكون اسرة من زوجة وأبناء وجميعهم قد تعلق بتلك الوظيفة، ثم نقرر فصله وحرمان اسرته من دخله من الوظيفة إذا ما ثبت تعاطيه المخدرات، دون مراعاة البعد الاجتماعي، فضلا عن الحالات المرضية التي تضطر الي تناول المواد المخدرة كنوع من العلاج.

وتحيا مصر.