عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

يحكى أن امرأة فقيرة حلمت بامتلاك قرط من الذهب، تزين به أذنيها، أسوة بالنساء الثريات التى لم يجعلها رزقها ولا حظها لتكون منهن، وقررت أن تدخر القرش على القرش، حارمة نفسها من أى ملذات فى الحياة حتى جمعت ثمن القرط، واشترت القرط وعادت به إلى البيت والفرحة تكاد لا تسعها، لم تصبر حتى تدخل دارها البسيطة، فوقفت على الباب تتأمله بسعادة غامرة كان فى القرط خرزة حمراء، وكما هو معلوم الطيور الجارحة تهوى اللون الأحمر، شاهد غراب لون الخرزة، فانقض على القرط بسرعة واختطفه منها وطار، فصرخت المرأة المسكينة: يا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار، يقال إن هذه القصة وراء المثل الشعبى المعروف «يا فرحة ما تمت خدها الغراب وطار».

مؤكد أن غالبية الشعب المصرى يعيش الآن أحلام فرحة قرارات رفع الرواتب، ورفع الحد الأدنى للأجور، وفرحة العلاوات القادمة، والمعاشات التى ستزيد، الموظفون الحكوميون يحصدون الفرحة، والعاملون بالقطاع الخاص يقفون على سلم التمنى والندم لانهم لم يستجيبوا للمثل القائل «إن فاتك الميرى اتمرغ فى ترابه» لأن كثيرا من أصحاب العمل يرفضون الاستجابة لتلك القرارات، ويتعللون «بحالك» الظروف المالية لديهم، وأن مؤسساتهم خربة ومهددة بالإفلاس والإغلاق، وهى مقولات مسلطة على رؤوس ورقاب العاملين بتلك المؤسسات حتى يصمتوا، ويكتفوا بالقليل والفتات ولا يطالبوا بحقوقهم المسلوبة، ولا بالزيادات التى تقرها الحكومة، ويحمدوا الله انهم لا يزالون يجدون راتب اخر الشهر أو حتى فى منتصفه، وهذه الفئة العاملة فى المؤسسات والقطاعات الخاصة تحتاج الى نظرة رعاية واهتمام من الحكومة، وإيجاد المخرج لهم لحماية حقوقهم، لأنهم للأسف تم تركهم فرائس لأصحاب العمل يبيعون ويشترون فيهم «براحتهم» دون ضابط ولا رابط، وليس بمفاجأة ان نعلن أن عدد العاملين فى مصر 25 مليونا، منهم 6 ملايين فى الحكومة، والباقى فى القطاع الخاص، أى غالبية العاملين بمصر لن تطولهم القرارات المبشرة الجميلة لأنهم بقطاع خاص خرب الا قليلا.

واللجنة التى تم تشكيلها فى أغسطس عام 2017 لبحث المشاريع والمؤسسات المتعثرة، ومساندتها بدراسات الجدوى والقروض البنكية الميسرة السداد، لا نعلم حتى الآن الى أى حد وصلت، للأسف من توسموا فى القطاع الخاص خيرا وفرحوا فى بدايات أعمالهم بتلك المؤسسات بالأجور المجزية.. ينعون الآن حظهم، وجل حقوقهم ضائعة، ومن هنا مطلوب من حكومتنا المبجلة أن تنظر بعين الرعاية لهؤلاء، سواء بمساندة المؤسسات المتعثرة بشكل أو بآخر، أو بجملة قرارات من شأنها حماية حقوق العاملين بها وانقاذهم من فاقة الفقر والاحتياج وتسول الرواتب كل شهر.

وليس بسر على أحد، أن الغالبية العظمى من الأسر فى مجتمعاتنا، هى إما تحت أو حول أو فوق خط الفقر بقليل، هذه الأسر التى تجتاحها الآن الفرحة بالزيادات المرتقبة، تضع يدها على قلبها من ألا تكتمل فرحتهم، وأن يأتى الغراب الأسود إياه ليخطفها، هو «نفس ذات» الغراب الذى يخطف أى زيادات أو علاوات أو امتيازات فى الأجور يمنى بها أبناء الشعب من العمال والموظفين على مدى عقود مضت، وهو غراب زيادة الأسعار، والفواتير.. مياه.. غاز.. كهرباء.. وبنزين.. وكارتة طرق، الخ.. غراب يتربص دوما بالشعب المصرى بعد كل زيادة فى الأجور، ولا يجعلهم يهنأون ولو قليلا بهذه المكاسب، بل يخطف فرحتهم ويطير، ليرجعوا الى المربع صفر وكأنك «يا أبو زيد ما غزيت» ومن هنا أيتها الحكومة الغراء لا تطلقى الغراب الأسود واتركى الشعب يهنأ بما كسب، وما تقدمينه باليمين..أرجوكِ لا تسحبيه بالشمال... يا موظفين وعمال.. صلوا معى وادعوا.. يا رب ابعد عنا الغراب.

ونصيحة للمصريين الذين سيتمتعون بالزيادات فى الرواتب والمعاشات، ضعوا خرزة زرقاء على نقودكم فلا يخطفها الغراب.. جشع التجار.. والطابور الوزارى المنتظر ليرفع عليكم كل الفواتير.. وربنا يسترها معانا ومعاكم.

[email protected]