عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

جرت العادة كل عام أن يكون الأول من أبريل مرتبطًا في أذهان الكثير من شعوب ودول العالم، بيوم «الكذب»، أو «المزاح والدعابة»، لارتباطه بالحماقة والخداع والتدليس.

وسواء أكانت تلك العادة تقليدًا أوروبيًا يعود للقرن الرابع عشر، أم التاسع عشر، فإنها انتشرت في جميع البلدان، وأصبحت واحدة من «التقاليد الشعبية»، باستخدام الطرائف، أو الشائعات، ولذلك يُطلق ‏على من يصدقها اسم «السمكة»، أو «الضحية».

تلك العادة التي أطلقها الغرب، كان القصد منها بث روح الفكاهة، إلى أن تم تصديرها لعالمنا العربي، حتى أدمنها بشكل مختلف، وصارت مرتبطة بالكذب، لتصبح «الشائعات والتسريبات والمزاح»، مسلسلًا تتواصل حلقاته على مدار العام، وليس في أول أبريل فقط!

مع الأسف، أصبح «الكذب» منهاجًا وأسلوب حياة، وشيئًا مستساغًا، لدى البعض، ولأنه لم يعد مستهجنًا، فقد صار «قناعة» و«يقينًا» يتجاوز آثار إعمال العقل، الأمر الذي يجعل الكاذب يصدق كذبه، متماديًا في تضليله، أما المخدوع فيعيش في غيبوبة، مستمتعًا ومبررًا ما يراه أو يسمعه، لأنه بالتأكيد ليس لديه ما يخسره!

نتصور أن الإنسان قد يتآمر على نفسه، من خلال مشاركته ـ عن قصد أو جهل ـ في صناعة الكذب، حيث تتوقف خلايا عقله عن التفكير، فيما هو واضح أنه كذب بيِّن.. بل يتماهى في تصديق كل ما حوله، على رغم شعوره الداخلي الرافض بصمت لكل ما يحدث، وهنا لا يكون الشخص «ضحية»، بقدر ما يكون صانعًا، أو مشاركًا في ترويج الكذب.

لقد أصبح «الكذب» ظاهرة اجتماعية خطيرة، انتشرت، بكل أسف، على نطاق واسع بين الناس، في علاقاتهم ومعاملاتهم، ما جعلها سببًا رئيسًا لضعف النفس وحقارة الشأن وقلة التقوى والنفاق، ولذلك نعتقد أن «الكذب» هو «الكذب»، سواء في أول أبريل، أم في غيره من الأيام.. كله سوء و«إثمه» أكبر من نفعه، ولا يوجد له مبرر أو منطق.

إن أشدَّ أنواع الكذب ضررًا في حياتنا البائسة وواقعنا الأليم، ما قد يُطلق عليه «الكذب السياسي»، أو «سياسة الكذب» على الشعوب، التي صارت مدرسة فريدة، لها أساتذتها ومناهجها وروّادها وخريجوها وعباقرتها وأغبياؤها.. وهم كُثُر.

إذن، الواقع العملي يثبت أن «الكذب» صار شيئًا مألوفًا، وبضاعة رائجة تحيط بنا من كل اتجاه، حتى أدمنه الناس، وباتت على موعد يومي معه بشتى أنواعه، ليصبح اللغة الرسمية والخطاب المتبادل والعُرف السائد فيما بينهم، ما يجعلنا نتساءل بصدق: هل أصبح منطق الكذب وقلب الحقائق وظيفة ينبغي إتقانها؟!

بالتأكيد، عندما نتأمل الواقع المرير لن نجد شيئًا يستطيع أن يصمد أمام أي برهان بسيط لكل صاحب عقل، لأن الكذب أوصلنا لانتشار المجاملة وثقافة التبرير، التي تعد مؤشرًا سلبيًا لانحدار منظومة القيم والأخلاق وسقوطها في قاع الهاوية.

بالفعل، أصبحنا نعيش في عالم يصعب على المرء العثور فيه على «صادق»، وإن وجده مصادفة، عُومل بحذر، لكثرة الكاذبين على اختلاف أنواعهم، خصوصًا تلك الشريحة من السياسيين والإعلاميين، أصحاب الأقنعة الزائفة، لكثرة التلوّنات والتحوّلات، والتمترس خلف قناعات كاذبة ومبررات واهية.

ما يؤسف له أن كثيرًا من الناس نراهم متعطشين للكذب، تواقين لتصديقه، ومنهم من يتعمد الدوران في حلقته الفارغة، على اعتبار ألا أحد يراه، بل يعتبره نوعًا من الذكاء الاجتماعي، فيتخذ الكذب منهجية للتكسب والارتزاق، على رغم علمه السابق أنه مجرد «ضحية» لا أكثر!

[email protected]