رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

المراجعات الفكرية ضرورة . مَن يتمترس على موقف، ومَن يقف على رأي هو في الغالب شخص كسول. أميل إلى السكون الفكري، وأقرب إلى استسهال السير في القطيع.

أعترف أني كنت كذلك. قبل عشرين عاما كُنت أرى أنور السادات خائنًا. قرأت كتاب يوسف إدريس « البحث عن السادات» وتقبلت اتهامات ظالمة ألصقها الرجل بالرجل نتاج غِل شخصي كريه. احتفيت بكتاب هيكل اللاأخلاقي عن السادات والذي عنونه بـ«خريف الغضب». صدقت ما قال مصورا الرجل لصاً يستحل المال ويشجع الفساد ويسكر ويدخن ويظلم خلق الله.

 وقرأت كتاب شفيق أحمد علي عن« اغتيال سعد إدريس حلاوة» الذي اعترض على افتتاح سفارة إسرائيلية في القاهرة، فقام باحتجاز مواطنين أبرياء من أحد المجالس البلدية مطالبا بإغلاق السفارة الإسرائيلية وطرد السفير، فما كان من الشرطة إلا أنها حاصرته وظل يطلق الرصاص عليهم حتى قتلوه. كتب نزار قباني عن الإرهابي الجاهل معتبرا إياه بطلًا عظيمًا ومجنونًا رائعًا، وحاول مؤلف الكتاب رسم التعامل الأمني معه بأنه جريمة لا تغتفر.

وعلى مدى سنوات طويلة وهناك مَن ينظر للسادات بإعتباره عميلا أمريكيا، أو مفرطًا في الأرض، أو متهاونًا مع الأعداء رغم أن ما فعله أثبتت الأيام صوابه، وأكدت السنون صحته. لقد قدم لمصر عملا لا قولا، إنجازا لا شعارا، واقعا لا استعراضا، هو أنه أنهى ارتهان أرض مصرية خرجت عن سيادتنا.

لقد أعاد الرجل سيناء وفق مخطط واقعى اعتمد على تنفيذ حرب تحريك ، يُطلق من بعدها مُبادرته للسلام ليُنبىء العالم كُله أن المصريين شعب مسالم ، مُتحضر، لا يحمل الكراهية للغير، ويطلب حقوقه بلا مُقابل.

لقد كتبت في الأسبوع الماضي مقالا عن الرجل أحيي فيه عقله وفكره متسائلا عن مصير سيناء لو لم يوقع الرجل اتفاقية السلام، ناظرا بلا شماتة على وضع الجولان التي رفض حافظ الأسد التفاوض بشأنها وفكر في اعتقال السادات عندما زاره قبل توجهه للقدس.

ولم أكن أتصور أن أتلقى عبر البريد الإلكتروني رسالة من موجه بالتربية والتعليم يعلق فيها على المقال بقوله إن السادات خان المسلمين وباع القدس !

الغريب في الأمر أن كاتب الرسالة مصري من دمنهور، وأنه لا يجد غضاضة في أن تبقى سيناء مثل الجولان ــ تحت الأسر ــ ونبقى جميعا على عداء مع إسرائيل، نلعنها كل نهار، ونحرق علمها كل عيد، ونخطط للعدوان عليها كل يوم.

ونسى هذا الرجل، الذي من المفترض أنه يعلم أبناءنا التفكير العقلاني، والمنطقي، والتحليل العلمي أن السادات كان حاكما لمصر، ولم يكن خليفة للمسلمين، وتقع مسئوليته أمام التاريخ عن وطنه لا عن الأمة العربية.

وأنا أعذر القارئ التخويني، لأنني كنت يومًا مثله، أسير وراء القطيع، وأؤمن بالشعارات الرنانة ولا أزن الأمور بميزان الإنصاف والموضوعية.

والآن هداني الله بفضل مراجعاتي وآمل أن يهديه، فالمراجعات تؤكد أن الضمير حي والعقل يقظ والسماحة متغلغلة.

والله أعلم.

 

[email protected]