عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

شخصيات من الزمن الجميل (2)

 

- تعرفت على المرحوم جمال بدوى، قبل أن يصبح اسمًا كبيراً ومؤرخًا مشهوراً ورئيساً لتحرير جريدة «الوفد»، خلفا للراحل الزميل مصطفى شردى. فقد كان رحمه الله جريئا فى مقالاته، وأذكر له مقاله الشهير الذى انتقد فيه الرئيس مبارك يوم أن أدلى بحوار صحفى مع صحفية كويتية، أساء فيه للصحفيين المصريين، لكن الصحفية الكويتية دافعت عنهم بشدة.. يومها كتب مقالًا تحت عنوان «أجادت امرأة وأخفق الرئيس» وظلت مصر تتحدث عن مقال بدوى الذى أغضب مبارك، ولم تمض أيام حتى دفع ثمن جرأته بعلقة ساخنة على الطريق العام، ظل فيها المسكين طريح الفراش شهوراً طويلة.

-  أما عن بداية علاقتى مع جمال بدوي، فقد تعرفت عليه فى الستينيات خلال تدريبه فى صحيفة «الأخبار»، وكان وقتها طالبا فى الجامعة وكنت رئيسا لقسم الاستكمال بصحيفة «الأخبار»، وكان هذا القسم مهمته استكمال الخبر بالمعلومة قبل نشره.. كان بدوى رحمه الله.. شابا خجولا، علمت أنه من ريف طنطا، ويتحمل مشقة فى المجيء يوميًا، فكان يسكن بصفة مؤقتة مع زميله فهمى هويدى فى شقته بشارع بولاق، وكنت أقيم بمفردى فى شقة غرفتين وصالة فى شارع حبيب لطف الله بالزمالك فى مدخل كوبرى أبو العلا إيجارها ستة جنيهات، وعرضت عليه أن يسكن فى غرفة عندى مقابل نصف الإيجار فرحب.

-  وفى يوم وقع تحت يدى خبر يقول إن فتاة عمرها ١٧ سنة كانت برفقة والدها فى الشهر العقارى بغرض تزويجها من رجل خليجى الجنسية تخطى الثمانين من العمر، وكانت البنت تبكي، وأمام الموثق سكبت فنجان القهوة على فستانها لتؤجل مراسم العقد.. الحقيقة أننى أرجأت نشر الخبر وطلبت من جمال بدوى أن ينزل معى إلى الشهر العقارى لنتأكد من صحته، ونجحنا فى تحديد جهة عملها حيث كانت تعمل فى محل الصالون الأحمر بشارع فؤاد باشا «٢٦ يوليو حاليا»، وذهبنا الى المحل منتحلين شخصية موظفين بإحدى السفارات العربية نحمل هدية من السفير للعروسة نريد توصيلها لها.. اصطحبتنا واحدة من زميلاتها الى بيتها فى درب البلاقسة بعابدين، وسألها جمال عن حال العروسة، اكدت انها تحب زميلا لها اسمه «علاء» وتتمنى الزواج منه.. وعند دخولنا بيت العروسة أفهمنا أهلها أننا نحمل هدية لابنتهم من السفير، فرحبوا بنا واستقبلونا أحسن استقبال، اشترطنا أن نجلس مع العروسة بمفردها حسب تعليمات السفارة، ادخلونا غرفة غير مرتبة وأتت شابة صغيرة واضح أنها لم تتوقف عن البكاء، وأفهمناها أننا صحفيان بأخبار اليوم ونحمل لها رسالة من «حبيب القلب» علاء الذى قرر الانتحار، تشعلقت فى يد جمال وهى تقول له: أنا عايزة علاء.. اعمل معروف اعمل أى حاجة، عرضنا عليها فكرة الهروب وسوف نساعدها عند الحكومة للزواج من علاء رحبت وأكدت أنها ستهرب من بكرة بحجة ذهابها للكوافير.. طلبنا منها أن تختفى حتى صباح يوم السبت، لكى نتمكن من فسخ عقد الزواج فى الشهر العقاري، شدت على إيد جمال مرة أخرى وقبلتها، وقبل أن ننصرف قام جمال بتوقيعها على كل ما حصلنا عليه من معلومات منها، ثم يدخل علينا الأب ويسألها عن الهدية فقلنا له سنأتى ليلا، فقد وعدتنا بصورة لها وصورة للعريس لاستلام الهدية من السفارة.. وإذا بالأب يقول عندى صور لهما، ثم أعطانى صورتين وفى صوت خافت سألنى تفتكر إيه الهدية هتكون «ذهب أم  فلوس» قلت قد تكون فلوس، قال يا ريت لأن بكرة الفرح.

-  انصرفنا الى أخبار اليوم ونحن نحمل أكبر نصر صحفي، قابلنا أستاذنا أحمد لطفى حسونة، وكان وقتها أحد نواب رؤساء التحرير ورئيس الشئون القانونية أيضا، استمع لنا باهتمام وكان يكتب مانشيتات أخبار اليوم أمامنا.. «بلاغ للنائب العام.. مطلوب فسخ عقد بيع عروسة.. أب فى عابدين يبيع ابنته ١٧ سنة لعريس تخطى الثمانين».. وفى المقدمة قال «سيذهب النائب العام الى مكتبه صباح اليوم، ويجد على مكتبه بلاغا من فتاة تتهم والدها بأنها باعها لرجل عربى مقابل عشرين ألف جنيه، العروس هربت ليلة الزفاف وهى على استعداد أن تسلم نفسها للنائب العام بشرط أن تضمن عدم زواجها من العريس العجوز.. وتأتى العروس يوم النشر الى أخبار اليوم مع خالتها التى كانت تقيم عندها، وتسلم نفسها لمكتب النائب العام، وتتحرك السفارة الخليجية ويتجه العجوز إلى الشهر العقارى ويفسخ عقد الزواج، وتنطلق الزغاريد فى درب البلاقسة من جديد».

-  هذه الواقعة كانت أول عمل صحفى لجمال بدوي، لدرجة أنه كان يسأل كل يوم هل فيه خبطات جديدة؟.

[email protected]