عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تطوير

فى ظل غياب برامج فكرية وحزبية وتراجع طرق العمل القادرة على الجذب وتحصين المجتمع يحدث تداخل خطير عبر العديد من المواقف الفقهية والفتاوى فى التراث التى تشير صراحة إلى أزمة معرفة المنطقة الفاصلة بين ما هو تطرف وبين ما هو تدين.. إنها المنطقة الرمادية التى يعيش فيها الكثير وجعل البعض يوصف المتمسك بدينه بإنه إرهابى، وأدى إلى ظهور دخلاء على الدين مثل بحيرى وخلافه.. عند بحث التراث الإسلامى نجده ينقسم إلى قسمين، تراث أصولى وهو عبارة عن مجموعة الاسس التى يقوم عليها المعتقد، وتراث تم استنتاجه من مجموعة آراء فكرية واجتهادات تراكمت عبر الزمن ووفقا لظروف بعينها، والتى تشكل الجزء الأهم الذى نعتمد عليه فى ممارسة الحياة العقائدية والفكرية، ومما يزيد الأزمة الحجج المدفونة فى وسط التراث التى تظاهر الاتجاهات الفكرية المؤدية إلى ما نسميه اليوم إرهاباً.. ساعد هذا كثيراً من المتطرفين على اختراق المجتمع بأفكارهم عبر تداول مثل هذا التراث الذى يبرر العمل والفكر الإرهابى، بالإضافة إلى تفسيرهم لفتاوى صادرة من بعض كبار العلماء كدليل على صحة منطلقاتهم الفكرية.. أما المعضلة الكبرى فتكمن فى كيفية مساعدة المجتمع على تجاوز هذا التراث المختلط ذى الفكر المتشدد وإيقاف تزايد المنضمين إليه.. ونظراً لتواجد الخطر الفكرى الداعم للإرهاب يظهر الإرهاب ثانياً بصورة أشد قسوة كلما قاربنا على تفكيكه امنياً.

نحن لا نختلف على استمرار الحل الأمنى ولكن يجب أن يكون جنباً إلى جنب مع الفكرى، فتفكيك الفكر الإرهابى الثابت هو الخطر الأكبر.. ومن محاولات سابقة لمواجهة الخطر الفكرى تبنى المجتمع (مواجهة الفكر بالفكر) و(الأمن الفكرى) وكلا المصطلحين لم يصادفهما النجاح حيث إن الفئات المتطرفة واجهت وفندت وبمنتهى السهولة كل التراث الرافض لفكرة الإرهاب اعتماداً على ما سبق أن وذكرنا.. وحيث انه فى علم العقائد والتراث كل فكرة لا يمكن تفكيكها بفكرة اخرى لأنها بنيت على مواقف وآراء، والافكار لا يمكن ان توضع فى مواجهة بعضها لأنها منتج متماثل تم بناؤه وترسيخه عبر الزمن فأصبحت من التراث.. فهل من وسيلة لتفكيك الفكر الثابت فى الماضى دون التأثير على الاصول التراثية ومقومات العقيدة الاسلامية أمام كل هذه المناخات الجاذبة للفكر المتطرف.

لتفكيك الفكر المتطرف.. علينا الانطلاق من أسس لم يتم الحديث عنها أو حولها لنقل المتطرف والمتشدد عبر أدلة أكثر تسامحاً فى المواقف ومن فكرة متشددة إلى فكرة معتدلة.. لذا فعلى كل المختصين التفكير جديا ببرامج ووسائل قادرة على استقطاب هذه الفئات فى أطر فعالة قادرة من خلال برامج خلاقة - وليست روتينية مملة - لتقديم الحلول الفكرية التى تستنهض كل الطاقات وفق برامج مدروسة لمحاربة الفكر المتطرف على قاعدة برامجية وخطوات مدروسة بعيدا عن الانتظار والحالة العبثية وردود الفعل الوقتية.. مع البدء فى خطة إستراتيجية واضحة لمحاربة الفكر المتطرف بالثقافة والعلم والحداثة والانفتاح على العالم ويجب ان يكون من خلال حملة قومية – ولمزيد من الثقة - يقودها الأزهر الشريف لتفنيد وتنقية التراث الذى يستشهد به كل المتطرفين والمتشددين ضدنا لتبرير اعمالهم، لتعريف المجتمع أنهم قاموا بنقل الزمن والتاريخ الذى صيغت فيه تلك الفتاوى لمواجهة وقائع محددة إلى حاضرنا دون تمييز لحركة الزمن وتغيير الحياة.. كما أن مواجهة الماضى بالحاضر يعجل بتخلص المجتمع من الأزمة الفكرية السلبية التى تساعد على تصحيح المفاهيم المغلوطة.

علينا إصلاح وتصحيح قلة العقل قبل تصحيح قلة الدين، فوحده العقل قادر على الإقناع، ووحده الفكر قادر على التغيير، وأن تتاح الفرصة لتبنى الأسئلة المباشرة حيث يمكن مواجهة الفكر بالأسئلة، فلنجربه لتفكيك الفكر الذى تم بناؤه عبر مسار تاريخى لعبت فيه الظروف والأحداث فشكلت صياغته الفكرية.. ولعل اعظم الافكار قوة وصلابة من الممكن أن تفند وتفكك عبر الأسئلة المباشرة.. وتحيا مصر يقظة العينين.. صلبة القدم.

[email protected]