رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

عادت قضية تطبيع العلاقات مع إسرائيل تطرح نفسها بقوة، بعد الخطوات المتلاحقة للتطبيع العلنى والسرى الإسرائيلى مع عدد من الدول العربية، قدرتها بعض الصحف الإسرائيلية بخمس عشرة دولة، تتبادل معها  تل أبيب أنشطة ثقافية ورياضية واقتصادية، فضلا عن التعاون المشترك فى مجالات الزراعة والمياه والأمن والتكنولوجيا والطب. وبعد نحو أسبوعين يحل أحد وزراء إسرائيل ضيفا على دولة  خليجية أخرى. ولا يفوت نتنياهو الفرصة لكى يعلن فى كل مناسبة أن التطبيع أضحى جزءا صغيرا من اتصالاته السرية مع العرب. وهو يسعى لتوظيف  هذا «الإنجاز» بجانب أشياء أخرى، لرفع فرص فوز حزب الليكود   فى الانتخابات  العامة التى ستجرى بعد عشرة أيام، حتى يعود مجددا  رئيسا للحكومة، فضلا عن الدعم الذى قدمه له ترامب، بالاعتراف الأمريكى بسيادة إسرائيل  المزعومة على الجولان السورية المحتلة، بعد أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، والاعتراف بها عاصمة لإسرائيل، وأوقف الدعم  المالى لمنظمة  غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين، وللسلطة الوطنية الفلسطينية، وأغلق مقر منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، لكى يحذف من التفاوض المستقبلى حول حقوق الشعب الفلسطينى، قضية عودة اللاجئين  والقدس، وليصبح مصير العرب داخل إسرائيل  الذين يبلغ تعدادهم نحو مليون وخمسمائة الف فلسطينى، وهو ما  يوازى 21%من سكان إسرائيل، عرضة للتهجير والتمييز العنصرى، بعد قانون  القومية اليهودية الذى أقره الكنيست الإسرائيلى.

غدا الأحد يلتقى  القادة العرب فى تونس فى القمة العربية الدورية، فى ظروف بالغة السوء، ومحاطة بالارتباك وبمواقف عربية تشوبها الفوضى وعدم التحديد، ومثقلة بضغوط أمريكية لا سابق لاستهانتها بالحقوق العربية، واستخفافها بمشاعر الشعوب!

وبرغم أننى من بين من يعتبرون اجتماع القادة العرب، هو عملا ايجابيا فى ذاته، بصرف النظر عن نتائجه، لأنه يتيح الفرص لتقريب المسافات بين المتخاصمين والمختلفين والمتباعدين، بما لابد أن ينعكس لاحقا بشكل ايجابى  على الساحة العربية، لكن القمة العربية مطالبة هذه المرة بما هو أكثر من ذلك، وأبعد من البيانات الختامية المنمقة بشعارات حماسية، لا قدرة لها على الوقوف  ثابتة على أرض صلبة.

وعلى رأس تلك المطالب التمسك الملزم بأن  التطبيع بات ورقة الضغط التفاوضية الوحيدة بيد العرب،  لتحسين شروط التسوية  مع إسرائيل، ويجب أن يكون إنهاء المقاطعة معها، مرهونا بانسحابها من الأراضى  العربية التى احتلتها فى عدوان يونيو 1967.

لقد أثبتت التجربة، خرافة  أن لإقدام على التطبيع قبل التوصل لتسوية تضمن الحقوق العربية التى حددتها مبادرة السلام العربية فى 2002، بإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، ووقف سياسات الاستيطان، والجلاء عن مرتفعات الجولان المحتلة سوف تشجع إسرائيل على القبول بها.

 لكن إسرائيل لم تقبل بها، وعلى العكس فقد  أغرت تلك الخرافة  نتنياهو بفرض سياسة الأمر الواقع، والتهرب من استحقاقات السلام، وبات يتصرف  وبدعم من إدارة ترامب بقناعة أن العرب لا  يشكلون تهديدا على أمن إسرائيل، والترويج لأوهام أن الخطر الوحيد عليهم هو التمدد الإيرانى، الذى ينبغى مواجهته بناتو عربى تحركه من الخلف مصالح إسرائيلية، والمبالغة فى حجم هذا الخطر  على أمن دول الخليج، الذى يسعى  نتنياهو لإقناع قادة خليجيين  بقدرته على  أن يحميه.

لا أحد لديه الرغبة أن يحمُل القادة العرب ما لا يطيقون، ولا أحد يستطيع أن يتجاهل ما آلت إليه حال الدول العربية من ضعف، وتراجع. لكن المؤكد أن التنازل عن ورقة التطبيع، التى لم يعد العرب يملكون سواها فى مواجهة طغمة إرهابية حاكمة فى إسرائيل، وبترويج أسطورة حثهم للسير نحو السلام، هو خطر ليس فقط  على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، بل  خطر كذلك على مصالح الشعوب العربية، ومصالح استقرار دولها وأنظمتها.