عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

لم تختلف البيانات الختامية لقمم مصر واليونان وقبرص عن بعضها البعض منذ انعقاد أول قمة فى نوفمبر 2014، والثانية فى أبريل 2015 وهذه القمة الأخيرة ديسمبر 2015. ولكن انعقاد ثلاث قمم على مدى نحو عام يعكس بالضرورة أهميتها وخطورتها!!.. بينما البيانات الختامية الصادرة عن هذه القمم لا تعكس أى شىء، وكلها واحدة، وتقريبا بالنص.. وذلك يجعل حقيقة ما يجرى فى اجتماعات هذه القمم غامضة وضبابية ومقلقة!!

بالطبع.. ليس من المفروض، فى العلاقات الدولية، أن يقال كل شىء، يجرى التباحث حوله بين الدول، ولكن للتاريخ، ولأشياء أخرى يجب للجميع أن يتحمل مسئولياته فيها، حتى لا تحدث تداعيات لمثل هذه المباحثات والاتفاقيات أو التفاهمات فى المستقبل.. ربما تحاكم بسببها مصر فى المحاكم الدولية فيما بعد، وتصدر عليها أحكاما بالإدانة أو بدفع تعويض بمليارات الدولارات مثلما حدث مؤخرا عندما حكمت المحكمة التجارية الدولية على مصر بتعويض لصالح إسرائيل بنحو مليارى دولار لأنه فى يوم أسود من أيام مبارك السوداء الكثيرة تم التباحث والتفاهم، ومن ثم توقيع اتفاقية لتصدير الغاز إليها بدون علم الشعب، وبعد ذلك تم وقف العمل بها بدون قرار من الشعب.. ولما اسقط الشعب مبارك بسبب سوءاته ومنها هذه الاتفاقية.. نقوم بمحاكمته فقط على حصوله على فيلا أو على مخالفات فى تشطيب قصر الرئاسة.. وبالتالى الشعب سيدفع من دم قلبه هذا التعويض لإسرائيل رغم أنه لم يوقع ولم يستفد من هذه الصفقة التى كسب منها مبارك وصديقه حسين سالم وإسرائيل.. وكان الشعب هو الخاسر الوحيد!!

وإننى على يقين من وطنية الرئيس عبدالفتاح السيسى، التى لن تجعله يفرط فى أى حق من حقوق مصر الطبيعية فى المياه الإقليمية فى البحر المتوسط، ولكن هذا لا يكفى، ويجب ألا يكون، أن يتحمل السيسى المسئولية بمفرده، فمن المؤكد أن هناك ضغوطا دولية يمكن أن تمارس على مصر تجبرها على قبول ما لا يجب أن تقبل ولابد هنا أن تتنحى السياسة والعلاقات السياسية جانباً ويتولى فريق من الخبراء والفنيين المصريين الدوليين لتحديد ما يجب أن يكون، وما يجب ألا يكون فى أى ترسيم للحدود المصرية فى المياه الإقليمية.. لماذا؟!

إن استكشافات الغاز فى البحر المتوسط.. لا تخص فقط مصر واليونان وقبرص بل هناك أطراف دولية، تشارك فيها، وإن أردنا الدقة تطمع فيها إسرائيل، بالطبع، وتركيا وامريكا، وروسيا ليست ببعيدة عنها أيضا، وخاصة بعد توتر علاقتها مع تركيا بعد حادث إسقاط الطائرة الحربية الروسية، ووقف مشروع خط أنابيب الغاز «تركيش ستريم» الذى يهدف ضخ الغاز الروسى عبر تركيا إلى جنوب شرق أوروبا دون المرور بالأراضى الأوكرانية.

كما ان إسرائيل تطمح، وتطمع، وتسعى، وتعمل على أن تتمكن من تصدير الغاز الى الاتحاد الأوروبى (قبرص - اليونان - إيطاليا) عبر أنابيب فى البحر المتوسط بدون المرور على مياه مصرية.. (حتى لا تقع تحت رحمة مصر أو أن تضطر الى دفع رسوم، وكذلك التنازل عن جزء من الغاز مجانا لمصر أو بيعه لها بسعر منخفض جدا مقابل تمرير انابيب الغاز بالمياه الإقليمية المصرية).. وبالتالى هل هناك علاقة، من ناحية التوقيت، بين إعلان الحكم فى قضية تحكيم بين مصر وإسرائيل قبل 3 أيام من قمة مصر واليونان وقبرص فى مدينة الكالاماتا اليونانية.. وبين محاولات إسرائيل لإيجاد منفذ لها لتصدير الغاز إلى أوروبا؟!.. وهنا يجب الإشارة، أيضاً، إلى أن بين مصر وقبرص اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بناء على اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، ولكن قبرص قامت بتوقيع اتفاقية أخرى مع إسرائيل التى لم توقع أصلاً على اتفاقية البحار الدولية عام 2004، والتى تلزم أى طرف بالرجوع للطرف الآخر فى أى اتفاق مع دولة أخرى.. وهو ما لم تفعله قبرص!!

عموماً موضوع غاز البحر المتوسط كبير وآثاره السياسية والاقتصادية ليست بالقليلة ويمكن أن يؤدى إلى إشعال «حرب الغاز» فى البحر المتوسط، ولا شك أنه يحتاج إلى حكمة وحنكة سياسية، ثم يحتاج بالضرورة الى الخبراء والفنيين.. والأكثر أنه يحتاج إلى الشفافية والوضوح حتى يتحمل الجميع مسئولياته فى المستقبل.. وحتى لا نحمل الأجيال القادمة خسائر بالجملة، مثلما جرى فى صفقة الغاز مع إسرائيل.. ولا نعرف حتى الآن هل سندفع لها كل هذه المليارات من الدولارات أم سنضطر إلى التنازل لها عن الأرض والعرض فى البحر المتوسط؟

[email protected]