عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

شاهدت فيديو لوزيرة خارجية النمسا وهي تلقي خطاباً باللغة العربية في الأمم المتحدة! وكنت أشعر بالحزن دومًا عند تواجدي في بعض الدول العربية وأجد الجميع يتحدث اللغة الإنجليزية! ولا يعلمون أنهم بأيديهم يعملون على ضياع هويتهم! فالله تعالى قال في مُحكم كتابه: «إنا أنزلناه قرآنًا عربيُا لعلكم تعقلون»، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب «تعلموا العربية فإنها من دينكم، تفقهوا في العربية فإنها تزيد في العقل وتثبت المروءة» ونحن نعمل دومًا على محو اللغة العربية بأيدينا! ولا أعرف لماذا يتم ذلك ولمصلحة من؟! تَعَلم ما تريده من اللغات ولكن ليس على حساب اللغة العربية، المُحزن أننا داخل وطننا نشترط إجادة اللغات في كل شيء ولا نُلفت النظر للغة العربية! برغم أن في الدول الأجنبية تعتز كل دولة بلغتها وتُعتبر إهانة لها طلب منها التحدث بلغة تانية غير لغة بلدهم بل حتى إذا كانوا يجيدون جميع اللغات بما فيها العربية لا يريدون التحدث إلا بلغتهم! فما يميز دولة عن أخرى اللغة والعادات والتقاليد والزي الحضاري، وإذا تأملنا في مجتمعنا نجد أننا نتحدث بلغات أخرى غير العربية وأيضًا عاداتنا وتقاليدنا ليست مصرية حتى الزي أصبح غربي! فإذا قُلت إن هناك محاولة للاختراق الثقافي أي محاولة القيام بعملية التغريب اللغوي لمسخ هويتها فأصف ذلك بالعبث! فالاختراق اللغوي أشبه بالمؤَامرات، فالمؤَامرات لم تُفلح إلا بمساعدة الخونة من الداخل، كذلك الاختراق نحن من ساعدنا على ذلك، فالآن الجميع يتجه للمدارس اللغوية! أيضًا الجميع يتجه نحو إجادة اللغات الأجنبية وهذا أيضًا ليس خطأ ولكن ليس على حساب اللغة العربية، فإذا ألقينا نظرة على الواقع نجد أن اللغة الإنجليزية والفرنسية هي التي تسود العالم وخاصة الإنجليزية! حتى الآن بعض المواقع المصرية نجد اللغة المتاحة الانجليزية والفرنسية فذلك كارثة! فإضعاف اللغة العربية يتبعه إضعاف للسيادة الوطنية، لأن الوطن وقتها يكون تابعًا لثقافة دولة أخرى وليس لثقافته الأصلية التي تُعبر عن قيم وخصائص المجتمع.

فالله سبحانه وتعالى قال: «إنا أنزلناه قرآنًا عربيًا لعلكم تعقلون»، اللغة العربية أقدم اللغات التي ما زالت تتمتع بخصائصها من ألفاظ وتراكيب وصرف ونحو وأدب وخيال، مع الاستطاعة في التعبير عن مدارك العلم المختلفة، وسميت أم اللغات نظراً لتمام القاموس العربي وكمال الصرف والنحو.

فنحن بإيدينا نعمل على محو هويتنا! فقوة البلد من وجهة نظري الشخصية تُقاس بأشياء كثيرة بخلاف الأشياء المتعارف عليها كاقتصاد وصناعة وتجارة، فتُقاس قوة البلد الحقيقية بقوة شعبها، آصالتها، العراقة، اعتزازها بلغتها، فرض احترامها للغتها وشعبها وعاداتها وتقاليدها، ولكي تصل مصر لمرحلة التقدم هي وشعبها يجب على شعب مصر أن يعرف قيمة نفسه وبلده وإلا لا ننتظر من الشعوب والبلاد الأخرى أن تحترمك وتحترم لغتك.

وقد حفظ لنا تاريخنا جهود رواد بذلوا ما بوسعهم لخدمة هذه اللغة! فمثلاً لما تولى سعد زغلول وزارة المعارف في مصر كان التعليم في المراحل الأولى باللغة الإنجليزية؛ كان كتاب الحساب المقرر على الصف الابتدائي تأليف (مستر تويدي) وكذلك سائر العلوم، فألغى سعد هذا كله، وأمر أن تُدرس المقررات كلها باللغة العربية، وأن توضع مؤلفات جديدة باللغة القومية. وبذلك المسلك الناضج حفظ على عروبة مصر. مما دفع أحد المفكرين المصريين إلى القول: «إن سعداً أحسنَ إلى جيلنا كله بجعلنا عرباً»، ونحن الآن نعمل على طمس اللغة العربية ومحوها! وليت الأمر توقف عند ذلك، بل هناك شرط للتعيين في أي مكان داخل مصر اشتراط إجادة اللغة الإنجليزية أو الفرنسية قبل العربية! فنحن نساعد الغرب في محو هويتنا ولغتنا بدون أن نشعر! فكم سعداً نحتاج إليه؟!