رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

 

غداً الثلاثاء 26 مارس ذكراها الأربعون

تعالوا نشقلب التاريخ، نفترض ما لم يحدث لنعلم قيمة ما حدث، نُعيد القراءة بتجرد وخشوع وموضوعية.

 ماذا يمكن أن يكون عليه حال سيناء اليوم لو لم يوقع الرئيس الراحل أنور السادات معاهدة السلام؟

ماذا لو قبلت مصر نداءات الإذاعات العربية، واستجابت للمظاهرات المُسيرة شرقًا وغربًا لرفض السلام؟

ما هو الحال لو اصطففنا خلف شوارب زعماء الرفض وقلنا لهم صداقتكم بالدنيا وما فيها، وما ترونه هو الصواب،وما تقولنه هو العدل؟

ماذا لو آمنا بالمقولة منقطعة الصلة مع علم السياسة التى اصطكها الرئيس جمال عبدالناصر (وصاغها له العبقرى فى الطريق الخطأ الأستاذ هيكل) بأن «ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة»؟

ما هو حال سيناء لو لم يُصر الرئيس السادات على رؤيته واستجاب لـتظاهرات واحتجاجات الناصريين ولم يذهب إلى القدس ولم يوقع اتفاقية السلام ؟

الإجابة بوضوح وبساطة هناك فى أرض سوريا الحبيبة: الجولان.

سيناء الآن فى حُضن مصر.تتدفق القوات المصرية فى ربوعها كما تشاء، تتبع فلول الظلاميين وتصطاد القتلة، تضع خططًا مستقبلية للتنمية، ترسم مشاريع حضارية، وتمد يد العمران والبناء.

والجولان، مستوطنة بائسة حزينة، صارت جزءا من الكيان الصهيوني. لا مقاومة تشهدها، ولا تنمية ولا شىء. منفصلة عن الجسد الأم ناسًا، وثقافة، ومجتمعًا.

فى 26 مارس قبل أربعين عاما امتلك السادات شجاعة السلام، وهى فى رأيى أكثر صعوبة من شجاعة الحرب. كان يعلم أنه سُيلعن من أنظمة احترفت التجارة بالقضية عقودًا وعقودًا. كان يعى أن صوره سُتحرق فى عواصم الأعراب، وستُخونه أقلام وستكفره عمائم. كان يدرى بدون شك أن كُل الهتيفة العرب سيأكلون لحمه ولحم مصر ويرددون مع نزار قبانى بدون تفكر « ما هذه مصرٌ فمصر تهودت/ فصلاتها عبريةٌ وإمامها كذاب». كان يعرف أن حكما بالإعدام قد صدر بحقه وأنه ينتظر موعد التنفيذ. لكن الرجل لم يتزحزح قيد أنملة وواصل مسيرته وعادت سيناء كاملة دون طلقة رصاص أخرى بعد 1973.

كان السادات واعيا بالمستقبل، عليما بأدمغة الأمريكيين، قادرا على استثمار الفرص السانحة فى تحقيق مصالح وطنه. ولا شك أن علماء السياسة العالميين يدركون اليوم عبقريته وذكاءه، لذا لم يكن غريبا بعد 40 عاما من توقيع الاتفاق التاريخى أن يمنحه الكونجرس الأمريكى ميداليته الذهبية بموافقة ثلثى أعضائه، وهى بالمناسبة ميدالية لم تمنح من قبل لشخص عربي.

لقد رأيت وعاينت تقدير وإدراك الباحثين الأمريكيين الكبار لعبقرية السادات، وهو تقدير متواصل إلى الآن، لدرجة أنه توجد درجة علمية فى السياسة فى بعض مراكز الأبحاث الأمريكية تسمى « كرسى السادات» لا تمنح إلا للمتفوقين من الباحثين.

أقول رأيت اهتمام الآخرين بعقل الرجل وأعرف أنه لم ينل حقه من أهل وطنه الذين اختلفوا عليه. سيقول قائل: كان مستبدا. أوافقه. لم يكن ديمقراطيا؟ أتفق. له خطايا وسقطات. بالطبع فسبحان مَن له الكمال. لكن على أى حال فهو رجل سبق عصره. وعقل نفع بلده.

والله أعلم.

[email protected]