رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ثورة 1919.. قصة كفاح وطنى للأمة المصرية

كيف قاد الزعيم سعد ثورة المصريين ضد المحتل البريطانى؟!

 

كان يومًا مشهودًا من أيام حزب الوفد، التى لا تأتى إلا بعد مرور قرن من الزمان، إنه يوم الاحتفال بمئوية ثورة 1919 وتأسيس حزب الوفد.

فى هذا اليوم المشهود الخالد فى تاريخ الحزب العريق، كانت الأنظار فى مصر والدول العربية، تتجه إلى هذا الاحتفال الذى يعد احتفال القرن بكل ما تحمل هذه الكلمة من معنى.

فى قاعة المنارة العريقة، زحف جموع الوفديين لحضور الاحتفال بمئوية الثورة الأم، ورحلة كفاح الوفد فى سبيل القضية الوطنية، والمعروف أن اندلاع الثورة لم يأتِ اعتباطًا أو عفويًا، إنما له قصة كفاح طويلة خاضها شعب مصر العظيم تحت قيادة الزعيم خالد الذكر سعد زغلول.

كانت لهذه الثورة الأم تأثيراتها المباشرة ونتائجها الرائعة.

البداية هى إعلان الحماية البريطانية على مصر فى 18 ديسمبر 1914، عندما أعلنت بريطانيا حمايتها السافرة على مصر، وحققت بذلك هدفها الاستعمارى وفى يوم 19 ديسمبر 1914، صدر منشور خلع الخديو عباس حلمى الثانى وتعيين الأمير حسين كامل سلطانًا على مصر. أما الوطنيون والسياسيون وجميع المتعلمين من المصريين فقد أصيبوا بخيبة أمل وانفعالات نفسية سيئة أبرزها–كما يقول محمد كامل سليم السكرتير الخاص للزعيم سعد زغلول -، الحزن والكمد والسخط والضيق والحقد والدهشة والذهول، ومما زاد من هذه المشاعر شدة وهولًا عجزهم المطلق عن القيام بأى عمل ايجابى يظهرون فيه إنكارهم وما يشعرون به، لأن الاعتقال والسجن والنفى كانت أخف العقوبات لأقل الشبهات ومن غير محاكمات. وعانى المصريون سلسلة طويلة من الأعمال المجحفة، ارتكبها المحتل الغاشم، ومن بينها تسخير العمال المصريين فى الأشغال الشاقة لخدمة الجيش البريطانى، وتقول الروايات إن الذين أجبرتهم بريطانيا على ذلك تعدى المليون والنصف المليون مصرى، كان يتم انتزاعهم من بين أهلهم ثم يطلق عليهم متطوعون لخدمة جيش الاحتلال.

وفى 8 يناير 1918 ألقى الرئيس ولسون رئيس الولايات المتحدة، خطبة اضافية فى الكونجرس حدد فيها مبادئه الأربعة عشر والتى وصفها بأنها «البرنامج الوحيد لاقرار السلام» وقد دخلت الحرب سنتها الأخيرة فأراد ولسون أن يمهد لألمانيا طريق الاستسلام ويضع العالم قواعد السلام.

ماذا فى هذه المبادئ التى ذاعت وانتشرت فانتشت وأحيت ميت الآمال ثم ألهبت المشاعر فزادت طاقاتها الحيوية وبالخيال البناء برزت الروح الايجابية فى قوة ومضاء.

وأهم هذه المبادئ مبادئ ثلاثة هى السر فى هذا التطور الرائع:

1- حق الشعوب فى تقرير مصيرها.

2- تحرير الشعوب العربية الخاضعة لسيادة تركيا ومنحها الاستقلال.

3- قرار انشاء «عصبة الأمم» لحل المشكلات الدولية بالعدل والانصاف.

وهكذا انتقلت بها الحالة النفسية من النقيض إلى النقيض. الفرح والانتعاش والجرأة وقوة العزيمة وروح الإقدام والأمل المضئ الواثق والانتصار المؤكد. وهى كلها عناصر ايجابية فعالة مثمرة.

وفى نوفمبر 1918: أصدرت حكومتا بريطانيا وفرنسا تصريحا مشتركا موجها إلى الشعوب العربية المحكومة بتركيا وقد جاء فيه:

1- أن العرض الذى تهدف إليه بريطانيا وفرنسا من مواصلة الحرب فى منطقة الشرق الأوسط هو تحرير الشعوب «التى طالما ظلمها الأتراك» تحريرا نهائيا وتأسيس حكومات وادارات أهلية تبنى سلطتها على اختيار الأهالى الوطنيين لها اختيارا حرا. وقيامهم بذلك من تلقاء أنفسهم.

2- وتنفيذا لهذا النيات قد تم الاتفاق على تشجيع العمل لتأسيس حكومات وطنية أهلية فى سوريا والعراق اللتين أتم الحلفاء تحريرهما وكذلك فى البلاد التى يواصلون العمل لتحريرها.

ويأتى الشهر الأخير من الحرب، شهر أكتوبر سنة 1918.. انتشر شعور عام بأن الحرب وشيكة الانتهاء وأن شمس السلام تؤذن بالاشراق، قد انهزمت تركيا واستسلمت والجيوش الألمانية تنسحب باستمرار من جميع الميادين على غير سابق العهد.. وأجمعت أنباء البريد والبرق على قرب عقد الهدنة.

فماذا أعدت مصر لهذا الحادث الجلل بعد أن تفتحت أمامها أبواب الأمل على مصاريعها؟ فى هذه الأثناء برز على كل لسان وفى كل مكان اسم الزعيم المنتظر «سعد زغلول باشا» فقد اجتمعت له صفات ومزايا لم تجتمع لأحد غيره من سائر المصريين أجمعين، إنه وكيل الجمعية التشريعية المنتخب وقد تم انتخابه لعضوية الجمعية ثم تم انتخابه وكيلا لهذه الجمعية رغم جهود الوزارة فى محاربته ورغم معارضة الانجليز المحتلين فكان هذا النصر المزدوج له رغم العراقيل دليلا على مكانته ونفوذه بين المصريين.

ولقد اثبت بنشاطه وهمته فى جميع جلسات هذه الجمعية أنه رجل كفاح وصراع فعقدت عليه زعامة المعارضة، وكان مثيرا للاعجاب العام كلما وقف للكلام فى فصاحة وصراحة وقسوة ومنطق متين، شجاعا فى الحق وكثيرا ما تجاوز حدود الاقناع إلى الافحام وسبب للوزراء كثيرا من الاحراج والازعاج.

مازلنا فى هذا الشهر الأخير من الحرب..

ومصر كلها فى حماسة منتعشة الآمال. وفى نفوس أبنائها غليان وفوران وتوثب وترقب وانفعال وانتظار وسؤال واحد ظل يتردد على كل لسان صباح مساء عدة أيام، «ما هو الطريق العملى الناجح للمطالبة بحقوق مصر؟».

لقد كثرت الروايات والاشاعات وتبلبلت الأفكار إلى حد ما فترة قصيرة من الزمن. فمن قائل إن الأمير عمر طوسون يزاحم الزعيم فى تأليف وفد برئاسته.. ومن قائل إن وفدا يتكون من رجالات الحزب الوطنى.. ثم اختفت الاشاعات فجأة وظهر أن الزعيم سعد زغلول يعمل فى جد ونشاط وفى هدوء وسكون وخفاء على تأليف وفد يكون ممثلا ووكيلا للأمة المصرية.. وقيل إن نواة الوفد قد تكونت فعلا من خمسة وهم: الزعيم سعد زغلول رئيسا وعبدالعزيز فهمى بك نقيب المحامين والسيد اليمنى فى الجمعية التشريعية وعلى شعراوى باشا عضو الجمعية ومحمد لطفى السيد بك.

والأخيران من رجالات مصر الاكفاء النابهين ومن أصدقاء الزعيم المقربين.

وفى 13 من نوفمبر 1918 ضموا إليهم عضوين آخرين من أعضاء الجمعية التشريعية وهما:

عبداللطيف المكباتى بك ومحمد على علوبه بك.

وفى الساعة الحادية عشرة صباح اليوم الذى حدد للمقابلة مع سير ريجنالد ونجت المندوب السامى البريطانى وهو يوم 13 نوفمبر ذهب الزعيم سعد زغلول باشا ومعه صاحباه عبدالعزيز فهمى بك وعلى شعراوى باشا إلى دار الحماية.

لولا رشدى باشا كانت قصة هذه التوكيلات وأزمة هذه التوكيلات.

أزمة أغضبت الوفد وأغضبت رشدى وأغضبت الانجليز وكشفت الانجليز، وقد أثبت رشدى بمسلكه فيها أنه يريد أن يخدم الوفد ويتعاون.

وذلك أنه فى مساء اليوم نفسه الذى جرى فيه الحديث بين الزعماء الثلاثة وبين المندوب البريطانى، اتصل رشدى باشا تليفونيا بالزعيم سعد زغلول فى بيته وطلب مقابلته فاتفقا على اللقاء فى نادى محمد على بعد ساعة واحدة من الحديث التليفونى، فلما اجتمعا قال رشدى لسعد إنه قابل المندوب السامى البريطانى فى دار الحماية حوالى الساعة الرابعة بعد الظهر وسأله عن أثر المحادثة فى نفسه فأجابه بأنها كانت ودية وغير رسمية، ثم تساءل المندوب فى شبه استنكار:

«بأى حق وبأى صفة يتحدث ثلاثة من المصريين باسم الشعب المصرى كله؟ قد يكونون من كبار المصريين ولكن هذا لا يعطيهم أية صفة للتحدث باسم الأمة وطلبات الأمة».

فأجاب رشدى: «بأنهم أعضاء فى الجمعية التشريعية. وأن سعد باشا هو الوكيل المنتخب لتلك الجمعية».

فأجابه سير ونجت المندوب البريطانى: «هذه ليست صفة تعطيهم حق التمثيل والتحدث باسم مصر.. إن الجمعية التشريعية نفسها ليست لها هذه الصفة».

ولم يشأ رشدى باشا أن يجيب بعد ذلك وانتهى الحديث بين رئيس الوزراء والمندوب البريطانى.

هذه الملاحظة العابرة من جانب المندوب السامى البريطانى وهذا الحرص من جانب رشدى باشا على نقلها إلى الزعيم كانا السبب المباشر فى اجتماع الوفد واتخاذ قرار حاسم.

وتحددت الأهداف فى إلغاء الحماية الكريهة والاعتراف بالاستقلال وانهاء الاحتلال بتحقيق الجلاء، ورسمت الخطط على أساس السفر إلى الخارج والعمل بالعزم الصادق الأكيد بعرض قضية الوطن أمام مؤتمر السلام فى فرنسا والعقبة الوحيدة الآن هى معارضة بريطانيا المنتصرة لكل ما استقر عليه اجماع مصر، وهى فى مركز القوة المتحدية هذه المشكلة الكبرى.

فى 4 من ديسمبر أرسل الزعيم خطابا من الوفد إلى رشدى أبلغه فيه خلاصة محاولات الوفد للسفر إلى الخارج وردود الإنجليز عليها بالرفض وناشده أن يبذل مساعيه ويستعمل نفوذه كرئيس للحكومة المصرية لتمكين الوفد من السفر.

أول قرار خطير يوافق الوفد عليه بالاجماع

بعد أن فرغ الوفد من مسألة استقالة رشدى وتعليقات الأعضاء عليها أبرز الزعيم من جيبه مشروع قرار أعده بنفسه وتلاه وطلب الموافقة عليه وهو مكون من خمس فقرات وهذا نصها:

1- العدول عن فكرة السفر إلى لندن والتحلل من خطة الاقتصار على مفاوضة الانجليز وحدهم.

2- نقل القضية المصرية إلى الميدان الدولى والاتصال المباشر بممثلى جميع الدول الأجنبية.

3- السعى الحثيث لسفر الوفد إلى باريس لحضور مؤتمر الصلح فى فرساى.

4- الاتصال بالرئيس ولسون ومسيو كليمنصو رئيس مؤتمر الصلح بشتى الطرق، الوقت بعد الوقت، وفى كل مناسبة مادام أن الوفد سيظل ممنوعا من السفر إلى باريس.

5- عدم تنفيذ أى أمر يصدر إلى الوفد من السلطات البريطانية عسكرية أو غير عسكرية إذا كان هذا الأمر فيه أقل مساس بقضية البلاد، إلغاء الحماية.

بيان بمطالب الوفد

1- تطلب مصر الاستقلال التام:

أ- لأن الاستقلال حق طبيعى.

ب- لأن مصر لم تهمل قط أمر المطالبة بهذا الاستقلال بل هى قد سفكت فى سبيله دم أبنائها ولقد كان ما حازته من النصر فى ميدان القتال كافيا لرد السيادة إليها، ولاجماع الدول العظمى فى سنة 1840–1841 وإكراهها على تقبل مطامعها إلى أدنى حد ممكن وجعلها تكتفى بالاستقلال الداخلى فقط وهو مع ذلك واسع النطاق يكاد يبلغ حد الاستقلال التام.

ج- أن مصر تعتبر نفسها خالصة من آخر رباط كان يربطها بتركيا وهو رباط السيادة الاسمية، إذ أصبحت تركيا بسبب نتائج الحرب لا تستطيع التمسك بتلك السيادة.

د- أن مصر ترى أن الوقت قد حان لأن تعلن استقلالها التام الذى يؤيده مركزها الجغرافى وأحوالها المادية والأدبية.

2- تريد مصر أن تكون حكومتها دستورية وأن تراعى فى تفاصيل النظام حالة البلاد الخاصة من جهة ما للأجانب فيها من مصالح وأن تقوم بعمل اصلاحات اقتصادية وإدارية واجتماعية تستعين على تحقيقها بذوى العلم من أهل البلاد العربية كما كانت تلك عادتها فيما مضى.

مرحلة التحدى

لم يبق إلا خمسة أيام على افتتاح مؤتمر الصلح فى فرساى «باريس» ومازال الوفد عاجزا عن مشاركة مصر بحضور هذا المؤتمر وثورة الغضب ومرارة الكمد تملأن كل الصدور والسخط على الانجليز فاق كل الحدود، ومن اليسير جدا تصوره. ولكن من العسير جدا وصفه وصفا دقيقا.

فاتفق الزعماء على أن يقيم حمد الباسل باشا فى داره الرحبة حفلة شاى يدعو إليها جماعة من ذوى الرأى فى مختلف الطبقات ويلقى الزعيم فى الجمع الحاشد خطبة سياسية فيها من التحدى بقدر ما فيها من الاستفزاز، وفيها من الحقائق التى يجب أن تسجل وتعلن وتنعش المصريين بقدر ما فيها من السخط ضد المحتلين.

فى 7 فبراير 1919، أعدت جمعية الاقتصاد والتشريع اجتماعا فى دارها لسماع المحاضرة الثانية للمستر برسينال المستشار بمحكمة الاستئناف الأهلية، وكان معروفا أن المحاضرة ستتناول التشريع الجديد المنسجم مع الحماية البريطانية، فصمم الزعيم على حضور هذا الاجتماع وعلى الخطابة فيه عقب انتهاء المحاضرة تعليقا وتعقيبا على ما يسمعه وبهذا يرفع صوت مصر ببطلان الحماية.

الشهر السابق للثورة

لقد ثبت للإنجليز الآن أن الحالة بينهم من جهة وبين الزعيم والوفد من جهة أخرى، قد بلغت غاية الحرج وأصبحت تنذر بالمتاعب التى لا نهاية لها وأصبح الناس جميعا من مصريين وأجانب يدركون أن الكفاح قد بلغ أقصاه ولابد من عمل حاسم.

أن المصريين شعبا ووفدا وزعيما، قد أبرموا حبال العزيمة على الاستمرار فى الجهاد مهما بلغت تكاليفه وأخطاره، وأن الوفد لابد أن يسافر إلى الخارج ويتصل بمؤتمر الصلح لإلغاء الحماية وإنهاء الاحتلال ونيل الاعتراف بالاستقلال.

وفى 8 مارس 1919:

فى الساعة الثالثة بعد ظهر هذا اليوم حضر إلى منزل الزعيم ضابط بريطانى ومعه مترجم قبرصى وخمسة من الجنود الإنجليز المسلحين بالمسدسات فى سيارة كبيرة بريطانية تحمل مدفعا رشاشا ووقف ثلاثة من هؤلاء الجنود على الباب الخارجى للمنزل ودخل الضابط والمترجم وجنديان على الزعيم فى مكتبه وهو يجمع أوراقه ويستعد لفترة الراحة بعد الغداء، وأبلغه الضابط الانجليزى الأمر باعتقاله فورا بلا مناقشة فخرج وركب معهم سيارتهم وانطلقوا به إلى ثكنة قصر النيل، وبعد حوالى نصف ساعة لحق به ثلاثة من زملائه هم محمد محمود باشا وإسماعيل صدقى باشا وحمد الباسل باشا، اعتقلتهم السلطات العسكرية البريطانية بنفس الطريقة من منازلهم فى الساعة الثالثة بعد الظهر كذلك وفى ثكنة قصر النيل حيث قضوا جميعا ليلتهم، وقد أحضرت لهم حقائبهم بملابس تكفى شهرا لكل منهم.

وفى صبيحة اليوم التالى 9 مارس نقلوا إلى بورسعيد فى ديوان خاص بهم بقطار الصباح وكان فى حراستهم ضابط بريطانى وعشرون جنديا من الانجليز شاهرى السلاح، وما إن دخلوا إلى الميناء أصعدوهم إلى باخرة صغيرة وهى نقالة بريطانية تقل ألفين من الجنود البريطانيين فى طريقهم إلى بلادهم.

وبعد ثلاثة أيام من ابحارهم وصلوا إلى جزيرة مالطة التى اختارتها الحكومة البريطانية لتكون لهم منفى ومستقرا.

الثورة

فى 8 مارس سنة 1919:

كان اعتقال الزعيم وصحبه كما قلنا الشرارة المنتظرة لقيام ثورة عارمة لم يسبق لها مثل فى تاريخ البلاد، ولكن أى شكل أو أسلوب اتخذته الثورة؟

إن الثورة لم تنفجر بالشرارة انفجار القنبلة ذات الدوى القوى القصير السريع المؤقت، ولا كانت كانفجار البركان يرمى الحمم المتأججة والمنصهرات المتدفقة ذات التخريب المربع ثم يسكن ويخمد.

ولكن الثورة كانت أشبه بحريق هائل شامل بدأته شرارة زحفت حتى وصلت إلى هشيم مملوء بالديناميت وشتى أنواع المتفجرات، وهذا هو الوصف الصادق الصحيح لنفسية الشعب المصرى أفرادا وجماعات فى تلك الفترة العصيبة، واستمر الحريق الهائل المدمر يتزايد ويتفاقم وقد بذل الانجليز أقصى ما يملكون من قوة وجهد وعنف وقسوة لإطفائه وإنهاء الثورة.

أليست هذه الأحداث الوطنية العظيمة للشعب المصرى تستحق الوقوف أمامها، ولذلك أطالب بأن يكون يوم 9 مارس عيدًا وطنيًا للمصريين جميعا، لأنه أسس للدولة الوطنية المصرية، ولم تكن ثورة 1919 أمرًا عاديًا، وإنما هى ثورة لتأسيس الدولة وهذا ما حدث بالفعل.