رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤية

عن حتمية تجديد الخطاب الحياتى والثقافى والدينى خاطب الرئيس «السيسى» من تجمدت وتكلست معارفهم وضاق أفق رؤيتهم «أنتم خايفين لنضَيَع الدين، هو اللى إحنا فيه دا إيه؟، فيه أكثر منه ضياع للدين، أنتو عاوزين إيه أكتر من كده؟!».

لقد دفع فلاسفة التنوير ثمن جرأتهم الفكرية والنقدية غاليا. فكبيرهم وإمامهم «فولتير» عاش ثلاثين عاماً فى الخارج وهو لا يستطيع أن يزور مسقط رأسه «باريس»، و«جان جاك روسو» عاش أيضا بعيداً عن جنيف.

بل وكان ملاحقاً طيلة النصف الثانى من حياته لأنه نشر أفكاره عن الدين والسياسة.

وقد ظل مهددًا لفترة طويلة حتى مات. وأما «ديدرو» فقد تعرض للسجن فى أبشع معتقل فرنسى آنذاك، وأنزلوه إلى الطبقات السفلية المظلمة لكى يستجوبوه ويكسروا مقاومته، ولولا تدخل بعض الشخصيات المهمة لربما مات فى السجن، وكل ذلك بسبب بعض الكتابات النقدية التى نشرها والتى أعلن فيها عدم إيمانه بالأصولية المسيحية..

ليبرز فى النهاية السؤال: هل نحن على استعداد لدفع ثمن التنوير مثلما دفع هؤلاء ليقفزوا إلى دنيا الحداثة ومابعد الحداثة؟

فى كثير من الأحيان، ينبغى علينا نحن أهل المحروسة أن نتعلم ونتدرب ونسأل: كيف نوافق ولماذا نؤيد؟ وكيف نعارض ومتى نختلف؟.. كيف ننتمى بولاء صادق، وكيف نكون أصحاب قرار مستقل؟

فى كل الأحوال يرى العقلاء الانحياز لأن يكون مطلب التوازن والاعتدال ضرورة على جميع المستويات، لأن تقدمنا نحو المستقبل مرهون بتلك المطالبة، التفكير ضرورة وحق لنا من ضرورات وجودنا ذاته، وعليه يكون من المسموح، بل من حقنا أن نختلف، ولا يقتصر اختلافنا على الأفكار والقناعات حتى تتكون تيارات فكرية وسياسية وطنية، فيكون الاختلاف فى التأييد والمعارضة، فى الولاء والعداء، فى التواصل والتقاطع، فى الانجذاب والنفور والاقتراب الطيب والتباعد الاضطرارى وهكذا من الأمور المُجازة.

ومن هنا تظهر أهمية فكرة التعددية، والتى تعنى التنوع والاقتراب على المستوى العقلى والإنسانى والحضارى ونحن نتعامل مع واقع الاختلاف عقلانياً وإنسانياً وحضاريًا كى لا يتحول الاختلاف إلى احتراب. لذا جاءت رسالات السماء لتوصى وتحرض، بل وتلزم المؤمنين بها على الاعتدال والتآخى، وجاءت الدعوات الإنسانية لتجذر هذه المفاهيم وتدعو إليها وفق رؤى ونظريات إعمال العقل لتؤكد هذا المعنى.

نعم، إنها رسالات السماء التى كان ينبغى بصددها توخى أمانة التعامل مع تعاليمها لإعمال ما يحفظ منها للوطن القدر الأعلى لأمنه وسلامه الاجتماعى والقيمى عبر تفهم جيد لمعطيات العصر وتقدير ظروف معاناة بسطاء الوطن وتحمل المسؤولية من جانب مؤسساتنا الدينية العتيدة، وغيرها من المؤسسات المعنية بصلاح أحوال الناس وتحقيق طموحاتهم.

لاشك أن حركة التاريخ الإنسانى كانت تبشر بعودة الإنسان المعاصر إلى الأنا والذاتية. وهاهو قد عاد للأسف إلى عصبته (الدينية والجنسية والقبلية والعنصرية والطائفية..) بتشبث عجيب، وباتت هناك مقابلات مخيفة فى دنيا البشر (علم وجهل، ثراء وفقر، أصولية وحداثة، انتماء وخيانة وعمالة..).. لينشأ صراع مجنون على البقاء والبحث عن دنيا أحسن حالًا ..

ولكننا لن نحبط ولن نيأس، وسنحلم بعصر يتقدم مسيرتنا أهل التنوير .. «التنويريون قادمون»..

 

[email protected]