رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

بين السطور

لم تنسنى أحداث أو مناسبات هذا الأسبوع أن أتناول أو أكتب عن المجزرة التى وقعت داخل مسجدين بمنطقة كرايست تشيرش النيوزيلندية والتى راح ضحيتها عشرات المصلين وأصيب نفس العدد، وهو الحادث الأشهر.. ليس لأنه وقع داخل دور عبادة وعلى مصلين عزل فقط، بل لأن الغموض ما زال يكتنف طريقة ارتكاب الإرهابى للحادث وسط غياب أمنى واضح، كما أن الإرهابى غير مسلم، فلم تكن مشاهدتى لفيديوهات هذه المجزرة التى ارتكبها المتطرف الأسترالى برنتون هاريسون تارانت، مشاهدة عادية من قبيل معرفة تفاصيل الحادث الذى أفزع العالم بأثره بل كانت مشاهدتى له كصحفية متخصصة فى هذا المجال منذ سنوات، فهذه المجزرة لها أبعاد أخرى، ولها عدة جوانب أولها: ماذا لو كان هذا الحادث لا قدر الله وقع فى مصر. هل كان أحد سيرحم أجهزة الأمن هنا، أو كانت ألسنة الإعلام الغربى المقرعة كانت ستشن أعتى الهجوم على البلد، وعلى الإسلام؟ وكأن الإسلام أصبح الحيطة المائلة للغرب وإعلامه، كذلك لم تمر مشاهدتى لتلك الفيديوهات خاصة الفيديو الأول الذى صوره الإرهابى الخسيس مرتكب المذبحة لنفسه وقت ارتكابه جريمته الوقحة، فقد شاهدته مرات وبنظرة المتخصص فى تغطية ومتابعة حوادث الإرهاب الوقحة وتحليلها من وجهة نظرى وجدت أن الحادث يدل على انعدام الوجود الأمنى نهائيا وقت الحادث، وعدم تأمين دور عبادة الأقليات هناك حيث يمثل المسلمون فى هذا البلد الصغير المتاخم لقارة أستراليا نسبة 6% من سكانها، وأن المجرم العنصرى الإرهابى الأسترالي مرتكب المجزرة تبين أنه نشر بيانًا من 73 صفحة على تويتر قبل ارتكاب المذبحة، يتوعد من خلاله بهجوم إرهابى.

وكان واثق الخطى بل ولم يلتفت خلفه ولو لمرة واحدة وهو حامل مدفعه أعلى ذراعيه وكأنه يسير وسط تأمين شديد بل وثبت كاميرته أعلى رأسه والأخرى على السلاح الذى استخدمه فى المجزرة، فمنذ أول خطواته وهو يفتح حقيبة سيارته ثم يستل السلاح ويتركها مفتوحة ويخطو خطوات كمن يتجول ويتفقد مكانا أثرياً، ثم يقتنص ضحاياه الواحد تلو الآخر وينهى مهمته فى المسجد الأول، ثم يذهب إلى المسجد الثانى ويفعل به نفس الجرم الإرهابى وينفض سيرا من ساحة المسجدين ويترجل إلى سيارته وكأن شيئاً لم يكن ويستقل السيارة بعد أن وضع فيها مدفعه ليعود إلى حيث يقيم ويبث عبر النت الفيديو الذى صوره لنفسه بنفسه. ما هذا البرود القاتل أن هذا الخسيس صاحب القوة الإجرامية والإرهابية الخارقة كان يتجول ويقتل ويقتنص ويصور فى آن واحد دون أن يعترضه ولو عسكرى واحد أو ضابط كيف ما هذا التراخى الأمنى؟! إن ما حدث لا يعد تراخياً أو خللاً أمنياً فقط، بل هو غياب أمنى غامض، إن عدم تأمين دور العبادة خاصة للأقليات يعتبر عنصرية وهو ما شاهدناه فى وقوع المجزرة أولا لأن النيران كانت مفتوحة بمعرفة الإرهابى باستخدام مدفع أدخل هو بنفسه تعديلات عليه، إذن كان صوته يرج أرجاء المنطقة بأكملها وليس مسرح الحادث فقط، ولم يكن مسدسا مثلا- كذلك خطوات سير المتهم كالواثق من نفسه لا خوف لا هلع لا اختباء بل كان متأنيا فى القتل لضحاياه بدم بارد، ولم يرحم صراخهم أو أناتهم فأين كانت أجهزة أمنهم حينئذ، إن الجانى العنصرى كان يرفع السلاح ولم يخبئه لحظة كان يسير بفخر واضح ألم يره أحد ليخبر الأمن الذى أتى بعد انتهاء المجزرة بنصف ساعة من إطلاق الذخيرة التى ظل الإرهابى يمطر بها المصلين على مدى 25 دقيقة ليعود حاملا سلاحه كالمنتصر الخسيس وهو ما زال رافعه على ذراعيه، إن القاتل المجرم عبر عن كراهيته الشديدة للإسلام والمسلمين، وأن إقامته لفترة فى تركيا، نمت هذه الكراهية، لقد قالت جاسيندا أرديرن رئيسة الوزراء النيوزيلندية إنها رفعت مستوى الإنذار من متدنٍ إلى عالٍ وأعلنت قائلة: وعززنا رد وكالاتنا على الحدود وفى المطارات، مؤكدة «لدينا مستوى رد مشدد على جميع المستويات». إذن إننا نرى أن المستوى الأمنى كان وقت وقوع الجريمة متدن باعتراف رأس الحكومة النيوزيلندية ارديرن، إن التطرف يا سادة ليس قاصرا على ديانة بعينها، وإنما جريمة وقحة، منتشرة فى معظم المجتمعات، وعلى رأسها المجتمعات الغربية، ولعل الحادث يكشف عن أن اليمين المتطرف اجتاح أوروبا ويعد أكثر خطرا من تنظيمات داعش والإخوان والقاعدة لأن معظم دول الغرب هى من تحتضن تلك التنظيمات وتعيد تفريخها فى بلادنا، لتشويه صورة الإسلام فى العالم، وتخلق ما يسمى بالإسلاموفوبيا لتسود حالة كراهية للإسلام والمسلمين، إن هذه المجزرة العنصرية الإرهابية تصدرت المشهد واحتلت عناوين الصحف والمواقع والوكالات وجعلت من صفحات التواصل الاجتماعى ساحة عزاء كبرى اشترك فيها العالم أجمع غربا وشرقا، وكذلك رؤساؤه وعلى رأسهم الرئيس المصرى عبدالفتاح السيسى الذى أدان الحادث وقام النائب العام بفتح تحقيق فى الحادث لوفاة عدد من المصريين فيه، كما أدان الرئيس الأمريكى ترامب الحادث من خلال تغريدة على «تويتر» ووصفه بأنه عمل آثم من أعمال الكراهية، ووصف شيخ الأزهر الشريف الحادث بأنها مذبحة شنيعة وانتهاك لحرمة الدماء المعصومة، وسفك لأرواح بريئة طاهرة كانت تتضرع لربها فى خشوع قائلا: لعل الذين دأبوا على إلصاق الإرهاب بالإسلام والمسلمين يتوقفون عن ترديد هذه الأكذوبة بعد أن ثبت لكل منصف متجرد من الغرض والهوى أن هذه الحادثة لم يكن وراءها عقل منتم للإسلام ولا للمسلمين، وإنما وراءها عقل بربرى وهمجى متوحش، وشدد البابا فرانسيس بابا الفاتيكان على أن ضحايا الهجوم الإرهابى، هم إضافة إلى آلام الحروب والنزاعات التى لا تتوقف عن ابتلاء الإنسانية. ونرى أن العالم أجمع أدان هذا الإرهاب الهمجى وليت الجميع أمام ذلك يضعون أيديهم على بيت الداء سواء التطرف الدينى أو العنصرى لتجتثه من جذوره وتحيا بلادنا التى تفرض طوقا أمنيا وقت أداء الصلوات سواء على المساجد أو الكنائس أو المعابد تحية تقدير وشكر للأجهزة الأمنية المصرية بكل أنواعها، وتحيا مصر بلادى الحرة.