رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مجرد كلام

ماكينة ضخمة تنتج الكراهية والعنف والتعصب العرقى والدينى فى العالم الغربى، كانت وراء الحادث الارهابى البشع الذى ارتكبه السفاح الاسترالى الجنسية برينتوت تارنت فى مسجدين بنيوزيلندا،  وأسفر عن مقتل 50 مصليا وإصابة العشرات.

هذه الماكينة التى تتجاور جنبا إلى جنب مع أفكار الحرية والتنوير لها جمهورها الواسع الذى يتشكل وعيه وثقافته – كما يبدو للوهلة الأولى– من مصدرين أساسيين، الأول  من استدعاء الحروب الصليبية والفتوحات الاسلامية فى أوروبا وما صاحبهما من معارك دامية، والثانى من التنظيمات الإسلامية المتطرفة التى ارتكبت العديد من العمليات الإرهابية خلال العقود الأخيرة.

لكن الوقود الحقيقى الذى يغذى هذه الماكينة يأتى أساسا من القراءات المتطرفة للكتاب المقدس، ففى أمريكا مثلا تنتشر العديد من الكنائس التى تؤمن بضرورة هدم الدستور الأمريكى لأنه يتعارض مع رؤيتهم لصحيح الدين المسيحى، واتباع هذه الكنائس وهم بالملايين يرون أن الله يأمرهم بإقامة دولة دينية تلتزم بالتفسيرات الحرفية للكتاب المقدس، وبعضهم يؤمنون بضرورة المساعدة فى إشعال حرب «هرمجدون» المفترض طبقا لوجهة نظرهم أن تندلع فى الشام وينتصر فيها اليهود على المسلمين لتشمل العالم كله بعد ذلك حتى يساعدوا فى العودة الثانية للمسيح على الأرض.

فى أوروبا، تبدو أفكار التفوق العرقى للجنس الابيض هى الوقود الأكثر انتشارا بين المتطرفين هناك الذين يرون فى الإسلام والمهاجرين المسلمين أعداء ينبغى التخلص منهم، وهو الدافع الذى يبدو انه وراء جريمة سفاح نيوزيلندا الذى  كتب مبرر جريمته الوحشية بأنه يؤدى رسالة سامية بوقوفه ضد الزحف الاسلامى الذى يستهدف تغيير هوية مجتمعه، وأن الوجود الاسلامى فى الغرب هو مخطط تآمرى وسلوك استعمارى، سيجعل مستقبل الجنس الابيض مهددا بنفس مصير السكان الأصليين فى استراليا وفى أمريكا!

هذا الجانب المظلم الذى يتمتع بحضور قوى وإن بدرجات متفاوتة فى العالم الغربى اليوم، له داعمون من قوى سياسية عديدة فى أوروبا وأمريكا تمثل مصالح اقتصادية ومالية كبرى لشركات ضخمة ومؤسسات يتخطى نشاطها الحدود الإقليمية لدولها، تستفيد وتزيد من أرباحها برعاية هذا الوحش العنصرى، لتهيمن على شعوبها وتسيطر على عقلها بالأصولية الدينية تارة وبدعاوى تفوق الجنس الابيض تارة أخرى، لتهيمن على العلم كله بعد ذلك باشعال الحروب فى العديد من دول العالم الثالث، والسيطرة عليها لاستنزاف مواردها وثرواتها.

القضاء على التطرف والارهاب لن يتحقق بالحكم على سفاح نيوزيلندا بالسجن المؤبد أو حتى بإعدامه، ولا حتى بإظهار التعاطف الصادق من أسر الضحايا أو مع الإسلام المسلمين، لكن بإنهاء السياسات الاستعمارية للقوى المهيمنة على القرار فى العواصم الغربية الكبرى، وتفكيك شبكة المصالح بينها وبين التيارات المتطرفة، من أجل بناء عالم جديد تسوده قيم الحرية وثقافة التعددية والعدل والمساواة بلا استغلال ولا قهر ولا عنف.