عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

رؤى

ما جرى فى نيوزيلاندا كان متوقعا، ولم يكن مفاجئا لأحد، العنف يولد العنف، والتطرف كما سبق وقلنا ظاهرة إنسانية، وكذلك العنف يكتسبه الإنسان بالتربية والتعلم، وهو يتجاوز: الجنسية، والعرق، واللغة، والديانة، والمذهب، والعنف ينتج فى جميع المستويات والفئات والثقافات، والمثقفون أو النخب ينتجون العنف أكثر من رجال الدين، يصنعونه فى أحاديث، ومقالات، وقصص، وأفلام، وحكايات، وخطورة ما ينتجه المثقف من تطرف وعنف يصل للعامة أسرع مما ينتج من قبل بعض المتشددين والمتطرفين دينيا، لأن العامة يتلقونه خيالا وكلاما وصورا وحركة، وللإنصاف هذا العنف الفنى ليس وليد اليوم، بل يعود إلى سنوات ماضية، نذكر لكم واقعة على سبيل التدليل.

قبل فترة كبيرة عكفت على تحقيق سيرة الحصون السبعة، وهى قصة شعبية لحروب الإمام على بن أبى طالب للهضام بن الجحاف ملك الجن، القصة منسوبة لقاص يدعى عبدالله البكري، اختلفوا حول: جنسيته، ومذهبه، ومصداقيته، واختلفوا أيضا حول الفترة التى عاش بها.

اللافت فى السيرة حجم العنف بها، خاصة فى بعض المسائل الشرعية، وخطورة هذا العنف فى أنه يروج من قبل أحد المثقفين، ويتبناه العامة من الناس. البكرى كان اديبا وقاصا وليس فقيها أو عالما بالدين، قصد من تأليف قصته التكسب الأدبى والمادي، بغض النظر عما يروجه ويسوقه للعامة من مغالطات ومن عنف.

كلف الامام على بن أبى طالب بطل القصة من قبل الرسول عليه الصلاة والسلام بمحاربة ملك الجان الكافر، اسمه الهضام بن الحجاف، مملكته فى وادى القمر بأرض اليمن، موزعة على سبعة حصون، يتولى أحد أعوانه ولاية وحماية الحصن، جميه سكان الحصن يتبعون ديانة الهضام، عبادة الأصنام، الإمام على سلح بأدوات غير بشرية اعانته على رؤية الجان وقتالهم بمفرده، عندما يتغلب على جيش أحد الحصون ويستولى عليه، يقتل جميع من فيه من النساء والأطفال والشيوخ والعجزة، يعرض عليهم الإسلام، ومن يرفض يعمل فيه السيف، البكرى جعله يذبح جميع سكان الحصون السبعة باسم الإسلام.

البكرى كان بمقدرته نشر التسامح، ودفع الإمام على إلى اطلاق سراح الأسرى، والتنبيه كما فعل الرسول عليه الصلاة والسلام قبل الغزوات، بعدم المساس بغير المقاتلين، الأطفال، والنساء والشيوخ والمرضى، وعدم الإجهاز على المصابين، فقد ذكر مسلم فى صحيحه على لسان بريدة، أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال: «اغزوا، ولا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا وليدا، وإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى ثلاث خصال أو خلال فأيتهن ما أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن اجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، فإن هم أبوا فسلهم الجزية..».

أعتقد ان العنف الذى تنتجه النخب فى الاعلام، المقال، القصة، الرواية، السينما، الدراما، الحوارات التليفزيونية أخطر بكثير مما ينتجه بعض المتشددين، وإذا كنا جادين فى نبذ العنف، يجب أن نبدأ بما ينتجه النخب، لأنه يصل بسرعة وسهولة للمواطنين.

[email protected]