عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما كتب الروائي العالمي جابريل جارسيا ماركيز، رائعته «الحب في  زمن الكوليرا»، لم يكتبها من خيال واهٍ، بل كانت نتاجًا للغوص في أعماق النفس البشرية، بطريقة الكاتب المتأمل والمتعمق فيما يكتب.

ولكن، عندما نبحر في قصص الحب، نجد أنها قد تنتهي دائمًا بشكل مادي فقط، ولذلك نتصور أنه ربما لا يختلف اثنان عن الحقيقية منها، التي تمثل عطاءً بلا حدود، ونهرًا جاريًا لا ينبض.

تلك القصص الحقيقية للحب يمكن أن نختزلها في «كلمة» دافئة، تُطلَق على كل طيِّب ونفيس.. في «لفظ» يقال لكل شيء مقدَّس.. في «أسلوب» للدلالة على التضحية والفداء والطُهر والنقاء والحب والحنان.. في «معنى» للصبر والتضحية والسمو وصفاء القلب ونقاء السريرة.

الأم.. هي المثال الكامل للحب، ومصدر النور وينبوع اللطف والرحمة والفيض الإلهي.. إذا سعى الإنسان في الاقتراب منها ارتوت روحه من فيض هذا البحر الزاخر المعطاء المترامي.

إنها المُضحية المُكَرَّمة، صاحبة المكانة الرفيعة، والشجرة الطيبة المباركة، والكوكب المضيء لكل مَن حوله، والكَنز الثمين لأسمى معاني الرحمة والعطف.. هي صاحبة النَّفس الزكية ونبع العطاء وهدية السماء.

وصَّى بها الإله، وجعل الجنة تحت قدميها، جزاءً لحُسن صنيعها، فأمر سبحانه بالبِّر بها، وجعل رضاها من فرائض الدين، وعلامة على حُسن العبادة.. بل جعل طاعتها واجبة ومقرونة بطاعته.

البِرُّ بالأم حتمي، والإحسان إليها فِطريّ، فلا جزاء يمكن أن يقدمه الإنسان إليها، يساوي لحظة واحدة من صبرها وتحملها على المشقة والتعب، وما واجهته من صعوبات في الحمل والوضع والرضاعة والفصال والحضانة والتربية.

تعجز الكلمات عن وصف الأم.. القيمة والقامة، القدوة والمعنى.. إنها المخلوق الوحيد الذي يمثل الإنسانية بكل أبعادها.. هي الكلمة الصادقة القوية، التى تنطق بها جميع الكائنات الحية طلبًا للحنان والدفء والحب العظيم.

عندما تموت الأم ينادي منادٍ من السماء: «يا ابن آدم ماتت التي كنا من أجلها نكرمك، فأتِ بعمل صالح نكرمك من أجله».. فأي منزلة عظيمة، وأي فضيلة اختصَّها الله بها، بعد أن كرَّمها وأعطاها ما لم يعطِ أحدًا من قبل.

من حق الأم أن تعلم أنها حملتك حيث لا يحمل أحدٌ أحدًا، وأطعمتك من ثمرة قلبها ما لا يُطعم أحدٌ أحدًا، ووقَتك بجميع جوارحها، فلم تبالِ أن تجوع وتطعمك، وتعطش وتسقيك، وتعرى وتكسوك، وتضحي وتظلك، وتهجر النوم لأجلك.. وقَتك الحر والبرد لتكون لها، أفلا تطيق برها وشكرها!

إذا كان فضل الوالدَين عظيمًا، فإن فضل الأم أجلُّ وأعظم، وتَلَمُّس رضاها ضرورة لاستمرار طاقة الحب المتجددة في هذا الكون، وتدفق شعاع الأمل، وتبدد الظلام المحيط بهذا العالم.

الأم.. هي المجتمع بأكمله، والمعلمة التى تربي الأجيال، والملهمة لكل مبدع، والقوة الدافعة خلف كل نجاح.. هي الحصن الأخير الذى يحمي الإنسان من الخوف، واليقين الذى يرجوه من الوجود.

الأم.. هي الرمز، الوطن، الأمة، الدولة، اللغة، الهوية.. الوجود كله، هي مانحة القوة والشجاعة، ومصدر التحمل والصبر والتضحية والفداء.. إنها باختصار رمز الثورة والحق والعدل.

تحية لكل أم في هذا الكون، وسلام عليها في كل زمان ومكان.. تحية إجلال وتعظيم في حياتها، والدعاء لها بالرحمة الواسعة والمغفرة بعد مماتها.. تحية من القلب لكل أم قدمت العطاء ولا تزال تُعطي.. كل عام وأنتِ أمي.

[email protected]