عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خارج السطر

ملامح القتلة واحدة. لا ذرات لمروءة فى وجوههم، لا مثقال لحبة خردل من رحمة. غائبون فى الكراهية، ومعجونون بالقسوة، وضالعون فى السادية.

مَن نفذوا وخططوا وصوروا وأخرجوا مجزرة كرايست تيشيرتس بنيوزيلنده لا يختلفون فى أى شىء عن قتلة المصلين فى مسجدالروضة فى بئر العبد، والمسيحيين فى المنيا. هم وإرهابيو داعش، وبوكو حرام، وأنصار بيت المقدس سواء.

الإرهاب لا دين له ولا وطن. الإرهاب قبح كريه يساقط مطرا على الأبرياء فى كل مكان. فيروس قاتل يعبر من بلد إلى آخر. شيطان مقيت يتنقل بخفة ومكر من منطقة إلى منطقة، يستعذب الدم، ويُنتج الفزع، وينتشى بأوجاع الضحايا.

الإرهاب فضيحة الألفية الثالثة. ممارسة عملية ضد الأديان وضد المُثل وضد الأخلاق، وضد التقدم الإنسانى.

ما جرى فى كرايست تيشرتس يؤكد بجلاء أن الإرهاب ليس ابن الإسلام، ليس وليدا للعرب، ليس ربيبا لمنطقتنا المُتخمة بالأوجاع.

 كُنا نظن أن بلادنا المجبولة على الكراهية والغائصة فى إحادية الرأى هى الأقدر على إنتاج العنف وتصدير الإرهاب، لكن أثبتت المجزرة ومن قبلها مذابح شبيهة فى أوروبا وغيرها أن العالم الأكثر تحضرا، والأكثر تقدما، والأكثر ثراء يضم بين جنباته إرهابيين أكثر وضاعة.

لقد وقفنا كثيرا فى موقف المدافع عن دين كل ما فيه يدعو إلى الرحمة. قلنا أن ما ألصق من دعوات للعنف والقسوة بالإسلام زورا مردود بنصوص القرآن نفسه. كررنا أن الإسلام برئ من أغبياء سفلة يرمون الموت بإستهانة على الأبرياء، وكتبنا كثيرا عن سماحة الإسلام التى شهد بها الفلاسفة والمفكرون الغربيون. والآن فإننا نضع أصابعنا على الحقيقة، الثابتة وهى أن الإرهاب لا دين له، ولا وطن.

يصعد التطرف فى ربوع العالم، شرقاً وغرباً. شمالاً وجنوباً. الأفكار الشاذة والهدامة تجد مناصريها عبر وسائط التكنولوجيا السريعة التى تنقل فكرة من سيدنى إلى باريس فى لمح البصر. الغرائب تجد إقبالا واهتماماً من أجيال سحقتها مادية العولمة وتقدمها المذهل. المعتاد صار مملاً، والأخلاق والمثل العليا المتفق عليها أصبحت واجبة الإختراق عند أجيال جديدة تصعد إلى المقدمة.

الكراهية هى الأصل. ما يجعل شخصاً يقتل آخر لا يعرفه هو الكراهية. ما يدفع إنساناً أن يُفزع إنساناً غيره هو الكراهية. ما يغذى الإرهاب والدمار والخراب هو الكراهية.

الكراهية دودة تنتشر سريعاً، تمتص من لحم البشرية، تخترق أمماً وشعوباً وتعاكس ما أنجزه العقل البشرى المتطور فى مجال العلم وإسعاد البشرية.

عبر الشبكات الحديثة، وفى غرف نومنا تتسلل الكراهية فى جنون: اكره غيرك. اكره جارك، اكره بلدك، واكره نفسك.

وهكذا، يتحول كثيرون إلى قنبلة موقوتة تنتظر موعد تفجيرها. تنتقم. ممن؟ ممن تكره. وتصبح خطراً محتملاً وموتاً مؤجلاً.

والله أعلم.

 

 

[email protected] com