رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

فى مجال تعريفه للعلمانية ،فًرق الدكتور عبد الوهاب المسيرى بين نوعين من العلمانية ، الأولى جزئية وتنصرف إلى فصل الدين عن الدولة ، والثانية شاملة ، وتضيف إلى الأولى كذلك فصل كل القيم الإنسانية والأخلاقية والدينية عن حياة الإنسان فى جانبها العام والخاص ، ونزع القداسة عما يجرى فى العالم ، وقد يكون هذا التعريف  فى أبسط معانيه ترجمة لقول الرسول الكريم « أنتم أعلم بأمور دنياكم «, وتأكيدا على جعل مجال  العقل الدينى خاصا بين الفرد وربه  دون وسيط ، يقتصر على التعبد ، ويلزم الدولة فى تشريعاتها ومؤسساتها  وسياساتها بعدم التفرقة بين المواطنيين والمؤمنيين ، فكلهم مواطنون  متساوون فى الحقوق والواجبات . كما يلزمها باتاحة حرية ممارسة الشعائر الدينية  لكل هؤلاء ، سواء كانوا ينتمون إلى ديانات سماوية أو غير ذلك .

سعى التيار الدينى المتزمت منذ نشأته ، وحتى تعدد فصائله فى حركات الإسلام السياسى ، إلى تشويه مصطلح العلمانية ، وإقرانه بالإلحاد ، وتسويد النظرة العدائية تجاهه لدى العامة وغير المتعلمين ، بتزوير الحقائق التاريخية ووضعها فى غير نصابها ، والزعم بأنها تيار غربى وافد إلينا ، وترويج لما اخترعه فقهاء وتجار دين ، لسلطات استبدادية ، هى جوهر شرهم الدائم للحكم ، وإشاعة  أوهام  عن وصل ما انقطع من ماضى دولة الخلافة البائدة . وهو الدور الذى يلعبه الآن بدهاء ولوع التيار السلفى المطلوق علينا داخل مجلس النواب  وخارجه !

كان الدكتور لويس عوض يقول ان للعلمانية المصرية جذورا عميقة ، بناها جهاد الشعب المصرى عبر قرنين من الزمان فى سبيل الحرية والعدالة الاجتماعية ، لأن مصر من أقدم العصور و جزء لا يتجزأ من حوض البحر المتوسط الحاضن للثقافات والحضارات .

وحين حاول الانجليز إثارة الفتن الطائفية أثناء ثورة 1919، انطلقت الدعوات لتأييدها من الشيوخ والقساوسة ، وارتفعت أعلام الثورة يتعانق فيها الهلال والصليب .وحين شكل سعد زغلول أول حكومة بعد أن أسفرت الثورة عن الغاء الحماية البريطانية عن مصر ، وصدور دستور 1923 ضم إليها خمسة من الوزراء الأقباط. وفتح سعد زغلول الأبواب واسعة لمشاركة اليهود المصريين فى الحركة الوطنية وكان اليهودى يوسف قطاوى الذى أصبح وزيرا فيما بعد ، عضوا فى الوفد الذى كان يفاوض الانجليز من أجل الاستقلال ،ومشاركا لطلعت حرب فى إنشاء بنك مصر .

وحين تولى الملك فاروق العرش ر فض الزعيم مصطفى النحاس  رئيس الوزراء  طلبا بأن يقلد شيخ الأزهر الملك سيف جده محمد على،كما رفض أن يذهب الملك فى اليوم التالى لتوليه إلى الأزهر ليؤدي الصلاة ، ثم يدعو له شيخ الأزهر أدعية خاصة ، ، وقال فى تقديم خطاب وزارته أنها ستعمل على « توطيد النظم البرلمانية على الأسس الديمقراطية، المعمول بها فى البلاد العريقة فى الحكم النيابى « وحين جاء الزعيم الباكستانى محمد على جناح ليدعو مصطفى النحاس إلى الانضمام إلى الجامعة الإسلامية ، وخاطبه بصفته زعيما إسلاميا ، غضب النحاس ورد عليه قائلا « أنا زعيم وطنى ولست زعيما إسلاميا» وحين أحاله إلى وزير خارجيته بالنيابة إبراهيم فرج ،قال له فرج «إن مصر لا مجال فيها للعصبيات التى تخرب الوطن الواحد ، وتقسمه إلى الهند والباكستان "!

وردا على سؤال العنوان :  نعم ثورة 1919  التى عززت مشاركة الجماهير فى صنع مستقبل بلدها ، وأقرت دستورا يرسخ قيم المواطنة والمساواة ، ويحفظ حريات الرأى والصحافة  والتعبير والإبداع الفكرى والأدبى  والفنى والثقافى ، ويرفض الحكم الدينى ويشجع على تحرر المرأة هى ثورة علمانية ، تستحق من قادة حزب الوفد أن يزيلوا الغبار عن هذا التاريخ المشرق ، الذى يشكل وصله  المستقبل لهذا الوطن ، فالأسس الديمقراطية لن تترسخ وتسود فيه إلا بالعلمانية .