رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ذكريات قلم معاصر

 

مع الأسف الشديد أن مصر -الشعبية والرسمية- لم تحتفل بأعظم ذكرى مصرية فى تاريخها الاحتفال الواجب.. إنها الثورة التى أيقظت مصر كلها بلا استثناء.. إنها لحظة عرفت فيها مصر قدرها وقتها.. عرفت فيها مصر قيمتها وقامتها.. لحظة عرّفت العالم قدر عملاق نفض عن نفسه التراب والاستبداد والاستعمار.

احتفلنا شعباً وحكومة بمئوية بطل نكسة 1967 ولم نحتفل بأول وآخر ثورة غرزت فى قلوب كل المصريين بلا استثناء طلبة وعمال وموظفين وفلاحين حقوقهم وأطلقت أهم الشعارات الخالدة «عاش الهلال مع الصليب» و«الدين لله والوطن للجميع».

وهى الثورة التى أخرجت المرأة من بيتها لتؤدى دورها فى الحياة العامة.. لم تكتف بهدى شعراوى داخل المظاهرة الكبرى.. فى يوم 16 مارس قامت أول وأكبر مظاهرة مكونة من 300 امرأة ذهبن إلى دار المندوب السامى البريطانى يهتفن بسقوط الاستعمار والإنجليز.

هذه الثورة.. ثورة 19 التى لم تعطها مصر حقها فى يوم مئويتها.. رفعت سقف تطلعات مصر.. ورفعت شعار «مصر للمصريين» كل شىء أصبح مصرياً.. فتحت الطريق لرجل لا ينسى «طلعت حرب» الذى وضع اسم «مصر» على كل مرافق مصر.. مصر للتأمين، بنك مصر، أعظم شركة عالمية للنسيج والغزل واحدة فى المحلة الكبرى وأخرى فى كفر الدوار، حتى الفن والتمثيل أنشأ استوديو مصر، ومصر للنقل والملاحة، ومصر للسياحة، ومطبعة مصر.

ما أن تم الإعلان عن افتتاح بنك مصر فى شارع عماد الدين حتى اتجه كل المصريين للتعامل معه، وقامت عدة مشروعات عملاقة تحت عباءة البنك الجديد وكادت البنوك الأجنبية أن تفلس وقامت حرب ضروس ضد طلعت حرب حتى مرض وتوفى.. وأيضاً لم تحتفل مصر به الاحتفال الذى يستحقه.

وهناك وقائع وأحداث مهمة جداً خلال المرحلة كتب معظمها كثير من كتاب مصر الليبراليين - رغم قلة عددهم - إلا أن هناك بعض الوقائع والأحداث التى تستحق الذكر ربما ضاق بها المكان المسموح لهم!

مثلاً حينما طلب سعد زغلول وزميلاه عبدالعزيز فهمى وعلى شعراوى السفر إلى مؤتمر الصلح فى باريس ورفض المعتمد البريطانى السماح لهم بالسفر.. كتب سعد زغلول خطاباً موجزاً إلى أكبر ثلاثة فى العالم.. الرئيس الأمريكى ويلسون خصوصاً بعد أن أعلن 14 مبدأ للعلاقات الدولية منها بند ينادى بحرية الشعوب.. والخطاب الثانى إلى لويد جورج رئيس وزراء بريطانيا.. والثالث إلى جورج كليمنصو رئيس وزراء فرنسا ورئيس مؤتمر الصلح.. الخطاب الوجيز هز أكبر ثلاثة رجال فى العالم.. يقول سعد زغلول فى خطابه:

«باسم الإنسانية التى تأبى أن تجبر الأمم على الانتقال من يد إلى يد.. كما تنتقل ملكية السلع، نناديك من وراء البحار ألا تتخذ سكوتنا الإكراهى الذى هو نتيجة طبيعية لحبسنا داخل بلادنا دليلاً على رضانا بسيادة الغير لنا.. ولا أن نسمح لغيرنا بالحكم على مصيرنا من غير أن تسمعوا أقوالنا».

خطاب من زعيم أمة فى بلد مليء بالاضرابات وعدم الانتظام فى كل شىء التعليم والمواصلات والعمل الحكومى.. بلد متحفز لأى صراع مع أية قوة فى العالم.. ثم قيل أيضاً إن بعض الوفود التى سمح لها بالاشتراك فى مؤتمر الصلح مرت على مصر فى طريقها إلى باريس مثل سوريا والهند والحجاز والعراق وهى وفود من كبار المسئولين فى بلادها وكان الخوف أن تنتهج هذه الدول نهج مصر فى معاداة المستعمرين خلال مؤتمر الصلح.

وبعد..

ألم تكن مئوية أعظم ثورة فى تاريخ مصر التى غيرت تاريخ هذا البلد.. الثورة التى لا تضاهيها سوى الثورة الفرنسية 14 يوليو.. كلتا الثورتين قام بهما الشعب كل الشعب بكل طبقاته دون أى ترتيب أو تمويل أو هيئة.. شعب شعر بالظلم فثار على الظالم.. وليس أدل على ذلك من أن سعد زغلول نفسه الذى قام الشعب بثورة من أجله.. سعد زغلول ما أن نزل فى ميناء الإسكندرية قادماً من المنفى سأل من حوله: لماذا هذه الثورة؟.. قالوا له: لكى يحدث ما حدث الآن.. يعود سعد زغلول إلى بلده وتطأ قدماه أرض مصر.. ألم تكن تستحق هذه الثورة يوم إجازة يوم المئوية فقط؟.. لله الأمر من قبل ومن بعد.