عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مراجعات

صمت مطبق، وتواطؤ مفضوح.. كلمات تختصر مأساة مسلمي الأويجور، الذين يتعرضون منذ عقود لأبشع جريمة قمع وتطهير عرقي في التاريخ الإنساني الحديث!

بعد مذابح الروهينجيا في ميانمار، التي أدمت القلوب، نتابع مشاهد عبثية صارخة للانحطاط الإنساني، يتعرض لها مسلمو الأويجور بالصين، في ظل مجتمع دولي متواطئ، وعجز فاضح للعالم الإسلامي على امتداده، وتجاهل تام لكافة منظمات حقوق الإنسان!

بكل أسف، هؤلاء التعساء يتعرضون لأبشع أنواع الظلم والقهر ـ بشكل لم يسبق له مثيل ـ على مرأى ومسمع العالم، الذي لم يحرك ساكنًا تجاه ما يحدث، وكأن هؤلاء المظلومين ليسوا سوى «مخلوقات» من كوكب آخر!

تجاهَلَ العالم مسؤولياته الأخلاقية، ولم يُعر أي انتباهة لاستفزاز أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، بسبب توظيف ظاهرة «الإسلاموفوبيا» المتنامية، لـ«قهر» المسلمين وحدهم.. ساعده في ذلك بعض المغيبين البلهاء!

ربما لم يسمع كثيرون عن معاناة مسلمي الأويجور المنحدرين من إقليم تركستان الشرقية «الذي تطلق عليه السلطات الصينية اسم شينجيان».. تلك الأقلية التي يتجاوز عددها العشرين مليونًا، ويشكلون 45% من إجمالي عدد سكان الإقليم، وفقًا لإحصاء2016 .

منذ العام 1949 والسلطات الصينية تلاحق هذه الأقلية المنكوبة، وتكثف حملاتها لترهيبهم واعتقالهم وتعقبهم، ولا تترك لهم مجالًا بعد هروبهم أو فرارهم من البلاد، بل تسعى جاهدة لإعادتهم واحتجازهم.

تلك الأقلية المظلومة تعاني اضطهادًا ممنهجًا من السلطات الصينية، سواء في الداخل أو الخارج، حيث أنشأت قاعدة بيانات للحمض النووي، ونظام تصنيف مشفر في بطاقات الهوية، لكشف ما إذا كان الشخص «آمنًا» أم «غير آمن»!

المؤسف أن سلطات بكين تستند في إجراءاتها القمعية إلى «معايير غريبة»، مثل عدد مرات صلاة هذا الشخص، لأنه إذا كان يصلي خمس مرات فهو مسلم وبالتالي يصبح محل شبهة، إضافة إلى المراقبة الجماعية والتفتيش الهمجي والبحث في الهواتف المحمولة!

نتيجة لهذا الاضطهاد المتزايد، يبدو طبيعيًا أن يحاول العديد من الأويجور الفرار إلى الخارج، لكن بكين أطلقت حملة عالمية غير مسبوقة لاستعادتهم، أو على الأقل رصد أماكن وجودهم، مستخدمة في ذلك نفوذها الجيوسياسي!

نتصور أن الدين الإسلامي ليس هو فقط السبب الرئيسي لمعاناة الأويجور، فهويتهم في حد ذاتها تزعج سلطات بكين، التي ترغب أن تطمس خصوصيتهم وهويتهم تدريجيًا وسط المكونات الأخرى، من خلال جلب ملايين الصينيين من قومية «الهان»، الذين كانوا يشكلون قبل نصف قرن، أقل من خُمس سكّان شينجيانج!

ما يتعرض له مسلمو الإيجور ـ بحسب تقارير دولية موثوقة ـ يثبت بالدلائل الدامغة أنهم يتعرضون لشتى أنواع الاضطهاد الديني والعرقي والاعتقالات التعسفية، إضافة إلى التعذيب وسوء المعاملة والقيود المتزايدة على الحياة اليومية.

هؤلاء البؤساء يذوقون أشد أنواع العذاب، حيث يتعرضون لمراقبة جماعية دائمة، كما ويخضعون للتلقين السياسي القسري، والعديد من القيود الصارمة والقبضة الحديدية المفروضة على حركاتهم واتصالاتهم، إلى جانب حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية والدينية والاجتماعية.

إن هذه المأساة التي يتعرض لها مسلمو الإيجور بالصين، أكدت بما لا يدع مجالًا للشك، أننا أصبحنا نعيش زمانًا يعج بالمنافقين والمضللين والأفاقين وعلماء السلطان والساكتين الخانعين.. زمان مليئ بالمغيبين والسفهاء الذين يقفون على الحياد في المعارك الأخلاقية الكبرى.

نعتقد أنه آن الأوان لاتخاذ إجراءات دولية حقيقية لوقف حملة القمع الصينية المستمرة منذ عشرات السنين، بحق ضعفاء أبرياء قليلي الحيلة، لم يجدوا معينًا أو مناصرًا، في زمن التخاذل وصمت العاجزين.