م... الآخر
للنقود قصة طويلة منذ وجود الإنسان على ظهر الأرض، ويرجع البعض أصل النقود إلى العهد الباليوليطيقى، حيث تمت الاستعانة (بالأخذ والعطاء) عن طريق الرضا بدلا من استخدام العنف، وتم استخدام مادة أو أكثر للقيام بعملية التبادل، وكان تستخدم العظام والمحار فى عملية التبادل، وما زال هناك قبائل فى أمريكا وأفريقيا والصين تستخدم العظام والمحار فى التبادل التجارى. وقد قال آدم سميث إن «الإنسان مدفوع بسليقته إلى المبادلة التى فطر عليها دون غيره من الحيوان». ويقول ابن خلدون إن «الإنسان مدنى بطبعه»، وحتى وقت قريب فى مصر كان يتم التبادل بين الناس، فمثلا كان الحلاق يقوم بقص شعر جميع أفراد الأسرة مقابل الحصول على جوال أو جوالين من المحصول فى الأرض (ذرة أو قمح). وكانت هناك مبادلات البيض بالجبن، وغيرها من أنواع المبادلات، وذلك على الرغم من تواجد العملات الورقية.
وفى عهد الإنسان النيوليطيقى عرف الإنسان الزراعة واستأنس الماشية، فكانت المبادلات أو العملة هى الثور، والأرز والشاى، والجلود. ومع صعوبة استخدام هذه العملة فى المبادلات والنقل، وبعد سنوات طويلة اتجه الإنسان للمعادن لتحقيق السهولة فى التنقل، والقدرة على البقاء طويلاً، والقابلية للتجزئة، وظلت لفترة المسئول عنها هو صاحبها، وهو المسئول عن سلامتها من العيوب أمام الحاكم.
والدول القديمة مثل مصر واليونان، قامت بسن قوانين، ووضعت عقوبات رادعة لمن يطفف فى الوزن أو يغش فى المعادن النفيسة. ووجدت الحكومات دون أن تقصد أنها تضع أول خطوة لسك العملة، عندما قامت بفرض وزن وعيار للمعادن، لمنع الغش، وكان ذلك بالمجان، وما لبس أن كانت تؤخذ العينات التجريبية.
ويبقى السؤال: من هو أول شعب قام بضرب النقود؟ هناك شبه إجماع والكلام فى كتاب «النقود والسياسة النقدية» لزكريا مهران، أن الشعب المصرى بإجماع الآراء أول من استعمل المعادن فى مقام النقود، وكانت هناك حلقات البرونز المصنوعة من النحاس الذى استخرجوه من مناجم سيناء قبل ميلاد المسيح عليه السلام بأربعة آلاف سنة. ثم حلقات الذهب بكميات قليلة قبل ميلاد المسيح عليه السلام بأربعة آلاف سنة. وذهب رأى آخر إلى أن الصينيين هم أول من عرف العملة المعدنية قبل 2500 سنة قبل الميلاد، وأنهم أول من استخدم العملة الورقية.
وللحديث بقية