عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

الناصية

فى نفس اللحظة التى كانت فيها جثث ضحايا حادث قطار رمسيس، ملقاة على رصيف المحطة، وما زال الدخان يتصاعد منها، ارتكب شخص جريمة لا تقل بشاعة عن جريمة سائق القطار، بسرقة تسجيل كاميرات المراقبة فى محطة مصر ونشرها على مواقع التواصل الاجتماعى ليجعل الكارثة كارثتين، والفجيعة فجيعتين، والمصيبة مصيبتين.. ثم ذهب إلى بيته وهو فخور بإنجازه العظيم، لينام ويرتاح مثلما فعل سائق القطار دون أدنى مسئولية أو إحساس بالمسئولية!

وهذا يحيلنا إلى القضية الأهم فى هذه الهيئة، التى لا نكاد نرفع رأسنا من مصيبة حتى تلحقنا مصيبة أكبر على خطوطها من الإسكندرية إلى الصعيد.. وهي قضية العاملون فيها.. ففى كل مرة يردد الذين تشار إليهم الاتهامات، سواء من سائقى القطارات أو غيرهم من فنيين آخرين، أن الخطأ فى الجرارات القديمة، وفى السكك المتهالكة، والتحويلات العاطلة، والمزلقانات و.. و.. وكل القائمة التى حفظناها ويتخذها الجميع سببًا لتبرئة أنفسهم من كل جريمة تقع.. وتنتهى التحقيقات دون معرفة المتسبب الحقيقى وراء كل مصيبة ولا أحد يستطيع أن يضع يده على القاتل هل هم البشر أم المكن!

والكل لاحظ الهدوء العجيب الذى كان عليه سائق القطار فى اللقاء التليفزيونى، وتعجبنا أن يكون بهذا البرود رغم بشاعة الجريمة.. والسبب فى إنه يعرف، حتى قبل ارتكاب جريمته، أنه يمتلك براءته فى جيبه، ويحفظ كل مبررات خروجه من القضية، زى الشعرة من العجين، والحال كذلك لكل المتهمين الآخرين فى هذه الجريمة، وفى أى جريمة فى المستقبل، فالكل يلقى المسئولية على غيره، والكل لديه ألف سبب للحصول على البراءة من جريمته!

حتى الشخص الذى قام بتسريب تسجيل كاميرات المراقبة لأرصفة المحطة أثناء انفجار القطار المرعبة، ونقل للعالم بدم بارد وقلب ميت، أبشع مناظر الموت حرقًا، وأعطى لقنوات الإخوان والمتأخونين على مواقع التواصل الاجتماعى، مادة فيلمية جاهزة للتشهير وخدمة المصالح الإرهابية، وإشاعة شعور عام بالتشاؤم.. ورغم ذلك لم يستطع أحد تحديد هويته أو تقديمه للتحقيق.. ولم تخرج جهة واحدة مسئولة عن هذه الكاميرات لم تعلن القبض عليه، مع أن معرفة هذا الشخص أمر بسيط ولا يحتاج إلى عبقرية.. ومثل معظم المتهمين والمجرمين، لن يتم القبض عليه أو إدانته.. وهى كارثة نعيشها، حجمها أكبر من كل الكوارث التى تقع!

ولذلك ستظل مشكلتنا الحقيقية فى العاملين فى هذه الهيئة، وكذلك فى كل الهيئات والجهات الحكومية الأخرى، الذين يرتكبون العشرات من جرائم الفساد سواء بالإهمال أو السرقة دون أن نكتشف الكثير منهم.. وهذا يعنى أننا فى حاجة إلى معايير أخرى للمراقبة والمتابعة والتدريب والتأهيل كل العاملين فى السكة الحديد، وفى كل الجهات التى على شاكلتها.. لأن الجريمة واحدة، حتى ولو وقعت بأشكال مختلفة، فى حق هذا الوطن المنكوب للأسف فى أبنائه، وفى سوء الإدارة!

[email protected] com