عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

منذ ما يقرب من ثلاثين عاماً وأنا أكتب عن إعادة بناء الإنسان المصرى عامة، فقد أتلفه وخرب قيمه وأخلاقه وطباعه العهد الأسود الذى مضى وتولى، ومن أسوأ نتائج هذا العهد الأسود أن الإنسان المصرى قد اعتاد فيه على أن يأخذ دون أن يعطى.

بمناسبة فاجعة قاطرة محطة مصر، التى ظاهرها الإهمال الجسيم، أما باطنها فلا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، ونأمل أن تتكشف فى الأيام القليلة القادمة بعض الحقائق التى لم تعلن بعد، وعلى فرض أن الإهمال والتسيب واللامبالاة كانا السبب الأول فى هذه الكارثة، فإنهم بلا شك نتاج لانعدام الانتماء للوطن، بعد أن تحول إلى الانتماء للفرد. لقد سبق أن أوضحت كثيراً أن حب الوطن هو الذى يدفع الإنسان إلى أن يعمل لصالح وطنه، كما يعمل لصالح نفسه، فمثل هذا الإنسان لن يهمل عمله أو فى حقوق وطنه، لأنه تعود على أن يأخذ الحياة بجدية وعرق واجتهاد.

مع الأسف الشديد، فقد انقلبت الأوضاع وأصبح أغلب العمال المصريين لا يعملون بالجدية والأمانة والصدق، فنادراً ما نجد عاملاً أو موظفاً جاداً فى عمله، أميناً فى تصرفاته خاصة فى القطاع الحكومى أو القطاع العام، لأنه اعتاد أن يأخذ من الدولة ما يطلب دون أن تطالبه هى بأى عمل أو جهد، فكل ما كان يطلب منه –فى الماضى- التصفيق والتهليل للحاكم، وظل الحال على ما هو عليه بل وتزيد بعض العاملين فى إهمالهم وتسيبهم إلى مرحلة الفساد، نتيجة غياب مبدأ الثواب والعقاب، فقد استغلت بعض النفوس المريضة من العاملين هذا التدليل الحكومى وانقلبوا إلى لصوص لأموال الدولة ومصالحها.

هذا الوضع المتردى الذى وصل إليه العديد من العاملين بالدولة، جعلنى أطالب مراراً بضرورة إعادة البناء الإنسان من جديد، بدءاً من التعليم الذى يتولى النشء عند صغره، فيبنى فيه القدوة الحسنة والعلم الجيد. كما طالبت بضرورة تطبيق مبدأ الثواب والعقاب تطبيقاً حازماً وشديداً، فكل من يُخلص فى عمله يستحق أجره بل ويكافئ على قدر عطائه وجهده، والعكس صحيح فكل من يهمل فى عمله لا بد أن يأخذ عقابه وبشدة، حتى يكون عبرة لباقى العاملين. مع الأسف الشديد، أغلبنا يخاف ولا يستحيى، فأغلبنا أصبح لا يحترم القانون، ولا يحترم الصغير الكبير. إننى أقرر ذلك ليس من خيال ولكنى قد عملت لفترة كبيرة فى الدولة المصرية وزاملت الكثير من العاملين على اختلاف أعمالهم ومراكزهم.

إعادة بناء الإنسان المصرى يبدأ بالتربية الحسنة والتعليم الجيد، ولكن هذا يحتاج منا لوقت وجهد كبيرين، فلا بد أولاً إيجاد المدرس الجيد فى علمه وخلقه حتى يكون قدوة حسنة للنشء الصغير، فيبنى فيه العمل والإخلاص وحب الوطن، وهذا المطلب يقتضى البحث أولاً عن المعلم الجيد، فقد أصبح الآن من الندرة أن نجد مثل هذا المعلم، فالمدرس لا بد أن يكون القدوة الذى يراها النشء ويتربى عليها منذ صغره ويشب على ما تلقاه من علم وخلق كريم.

هذا العلاج يحتاج لوقت طويل، لذلك فإنى أرى أنه -كعلاج سريع- لا بد من تطبيق مبدأ الثواب والعقاب تطبيقاً حازماً وشديداً، حتى نقضى على الإهمال والتسيب واللامبالاة فى جميع مناحى الحياة، فلا بد من الضرب على يد من أعماهم حب المال والطمع فى حياة لا يستحقونها. تطبيق مبدأ الثواب والعقاب هما الرادع الوحيد لما وصلنا إليه من إهمال وفساد وتسيب على جميع المستويات، سواء العاملون بالدولة أم غيرهم-فلا احترام للقانون ولا تقدير من الصغير للكبير-لا بد لهذا الوضع المتردى أن يغير ونعود إلى صوابنا، أملاً فى غد مشرق ومستقبل زاهر بإذن الله.

وتحيا مصر.