عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«المأساة تولد المأساة»

كلما مرت بمصرنا مصيبة أيًا كانت سواء من صنع البشر أو من خطأ صادر منه، فإنه مع مسيرة عظيم شعراء كل القرون أبوالطيب المتنبى أتذكر كيف واجه -بشعره الحزين الغاضب- هذه المصائب أترجمها بينى وبين نفسى وأردد القول القائل «إن المصائب لا تأتى فرادى» والمصائب تجمعن المصابينا.

هذا تمامًا ما يدور الآن فى بلدنا الحزين الذى كثر فيه الأسى والدمع والحزن والأنين، فكيف نواجه هذه المصائب الواحدة بعد الأخرى، علمًا - وهذا فى منتهى الأهمية - بأن مصائبنا ليست من صنع الطبيعة وإنما من صنع القائمين على الأمر فينا، موظفون مسئولون لا يقومون بواجباتهم الوظيفية، بل العكس يخطئون ويتمادون فى الخطأ، ولا ينفع معهم التنبيه أو التذكير، ومن هنا فإنهم لا يشعرون بوقع المصيبة حين تقع، كل همهم- كما نعلم علم اليقين- أنه بعد كل مصيبة يشكلون اللجان الفنية لتقديم تقريراتهم وبعدها تموت «كل آثار المصائب» ومع هذا فإنهم لا ينسون أن يقدروا ثمن الضحية، بالتكرم بإعطاء أهل القتلى وذويهم «النذر اليسير من المال» وكل مال الدنيا لا يمسح لهم دمعة ولا يرجع لهم فقيدًا أو فقيدة، شيخًا كان أم شابًا أم طفلًا رضيعًا أم آخرين فى «بطون أمهاتهم».. يا للمأساة!!

<>

قولوا معى بالترتيب من الذى قام بسؤال المتسبب فى قتلى «قطار محطة مصر» وكانت مأساة تركت أثرًا أليمًا فى نفوس وقلوب كل الناس، وإن تمت مقاضاتهم أمام القضاء فأين مسئوليتهم «الوظيفية» أو «المسئولية الإدارية» حتى ينكشف أمرهم ويطردوا فورًا من وظائفهم ليكونوا عبرة لغيرهم وينظر إليهم الشعب «نظرة المجرمين المحتقرين» الذين بإهمالهم ورعونتهم وعدم إتقانهم عملهم يتسببون مباشرة فى مثل هذه الكوارث اللامسبوقة.

<>

وقد ترجم هذه المأساة الكبرى دموع اليتامى وأين الجرحى ودعاء الموتى فى صمت القبور تحت الصخور. أنين وبكاء وموت ودماء وصخر يتفجر منه الأسى والحزن والدمع السخين.. وكل ذلك جاء نتيجة أخطاء إدارية وحكومية متراكمة بالنسبة للجبل والصخر.. وكانت هذه النتيجة.. والأخطر.. لا مسئولية على أحد أو ضد أحد.

<>

وأخيراً.. نسينا مع ذرف الدموع أن نقص حكاية أبوالطيب المتنبى:

فى إيجاز من القول وقد تجمعت عليه المصائب - مثلنا اليوم تمامًا -:

كان البحث عنه حيًا أو ميتًا عن طريق كافور الإخشيدى لمحاكمته إلا أنه أخذ طريقه للهرب وأخذته قدماه إلى صحراء سيناء.. وكانت «ليلة عيد» حيث الفرحة والبهجة «إلا أنه طريد الحاكم بدون ذنب أو جريرة» وفى ظل ليلة العيد هذه أصابته الحمى فلم يجد سبيلًا إلى النجاة إلا أن رأى بريق نور من خيمة فى قلب الصحراء الممتدة.. مصيبة بعد مصيبة فإذا به يقول فى قصيدته العصماء والكل يعرفها:

عيد بأية حال عدت يا عيد

بما مضى أم لأمر فيك تجديد

أم الأحبة فالبيداء دونهمو

لبيد ما دونها بيد

إنها الوحدة والغربة والهرب والمرض.. ماذا قال إذن فى مواجهة هذا كله، قال مخاطبًا الحمى التى «هدت حيله ومنعته عن مواصلة المسير»: يخاطبها فى ألم كيف تمكنت -وهى مصيبة- أن تقتحم طابور المصائب.. نردد معه:

أبنت الدهر وعندى كل بنت

فكيف وصلت أنت من الزحام

وبنت الدهر أى «مصيبة الدهر»..

ونردد معه:

يا بنت الدهر.. كيف وصلت إلينا عبر كل بنات الأسى والألم والدموع؟

وصدقت يا أبا الطيب:

وكم ذا بمصر من المضحكات.. ولكنه ضحك كالبكا