رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

أنا من المؤمنين أن الأزهر مؤسسة تعليمية وليست دينية، يُنوّر، ويُوعى، ويرسم خيوط الصلاح، ويميز الحق من الباطل. لا كهنوت فى الإسلام، ولا سلطة لشيخ، أو صاحب علم دينى على إنسان سوى النصيحة والقول الصالح.

ذلك ضرورى، قبل أن أرسم لكم ظلال ما شهدت، ورتوش ما شاهدت.

 فى الجامع الأزهر وأمام المحراب هناك رواق تعقد فيه كل إثنين جلسة علم، عامة، يمكن لأى مصلٍ حضورها. خُضت التجربة رغم أنى أمل من أحاديث الشيوخ التقليدية، أنفر من استعلاء بعضهم على المستمعين. سمعت ورأيت وفوجئت بنقاش غير مألوف، ونُضج لم أتوقعه.

الرواق استضاف عالم دين مغربياً، يُدعى مصطفى بن حمزة، وهو متخصص فى مواجهة فكر التطرف والإرهاب الديني. تصورت فى البدء أن الجلسة عبارة عن خطبة موعظة يقدم فيها العالم المغربى تصوراته عن قبح الإرهاب وشناعة العنف ويترك الناس بعدها ويمضى مثلما يفعل كثيرون. لكن ما أبهجنى أن الجلسة كانت عبارة عن محاورات،عرض فيها المشاركون أسئلتهم بدون حواجز أو حدود وأجاب الضيف بسماحة ومنطق ورصانة علم.

وقفت كثيرًا عند سؤال حول حديث النبي» أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله» وأنا أعلم أن هذا الحديث أحد دعائم فكر الإرهاب الذى يتصور أن على كل مسلم كراهية كل صاحب دين آخر ومعاداته، ومحاربته.

 وجاءت إجابة الرجل مقنعة وشافية ووافية مؤكدا أن أخطر شىء هو أن نأخذ كل قول للنبى ونعتبره أمرا دينيا، موضحا أن المقولة السابقة جاءت باعتبار النبى رئيسا للدولة وأن لفظ « الناس» هنا يخص كفار مكة، وليس عاما لكل الناس.

أسئلة أخرى كانت شائكة، وموغلة فى أسس الفكر القطبى الراديكالى، وأبهرنى الرجل بإبحاره شرقًا وغربًا، وباتساع اطلاعه لدرجة استشهاده بكوبرنيكس وفلاسفة العالم، وبفتحه نوافذ التفكير والتأمل والتدبر.

 سألت عن الجلسات فعلمت أنها بدءًا من العام تقام فى الرواق كل إثنين للناس بمشاركة عالم جديد، من مصر أو خارجها. وعرفت أن الدكتور عبدالمنعم فؤاد، والذى تولى الإشراف على الرواق منذ بداية فبراير الماضى قرر تثوير العلم وتوجيهه لكسر ممالك الفكر الإرهابى الذائع، والمنغرس فى عقول وأذهان الملايين، تأثرًا بموجات وهابية، ودعوات تكفيرية.

 قال لى الرجل، الذى بدا مختلفًا عن الصور الذهنية لرجال الأزهر أن البعض يحاول تحميل الأزهر مسئولية عن تنامى الإرهاب، وهو إفتراء فى غير محله، ورغم ذلك، فإن الأزهر سيواجه الإرهاب فكرًا وعقلاً وشبهاتٍ.

قال لى عبدالمنعم فؤاد إنه تحدى من قبل أن يكون الأزهر قد أخرج إرهابيًا واحدًا، وهو هنا يتحدث عن الخريجين من دارسى العلوم الشرعية.

وأخبرنى أن ما شاهدته غيض من فيض لنشاط علمى مكثف موجه للجميع، أزهريين وعامة، من خلال الرواق. فهناك 14 رواقًا فى الأقاليم يذهب إليها علماء وأساتذة فقه وحديث وتفسير من القاهرة وغيرها لتنوير الناس. وهناك مترجمون للإنجليزية والفرنسية والإيطالية وغيرها من اللغات متواجدون فى الرواق كل يوم ليقوموا بترجمة جلسات العلم وندوات التوعية ومحاضرات العلماء لجميع اللغات وبثها عبر موقع إلكترونى خاص بالرواق.

ذلك خير، لم يكن ليمر أمامى دون إشارة، وذلك جهد يستحق الإشادة لرجل سمح بشوش، يليق به كلمة عالم دين، غير أولئك الزاعقين المثيرين المتزاحمين على الفضائيات، والذين نفروا الناس من دين الله تنفيرا.

والله أعلى وأعلم.

[email protected]