عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

اعتبر أن انتخابات «النقيب والتجديد النصفى لأعضاء مجلس النقابة» عرسًا ديمقراطيًا للصحفيين، ولذلك أحرص على حضور تلك المناسبة بكل تفاصيلها من ألفها إلى يائها. ولعله مما عزز ذلك لدى حنين الغربة التى عشتها وأصدقاء لى لفترة من الزمن بعيدًا عن الوطن، فكان ذلك دافعًا لمزيد من الحرص على المشاركة فى الانتخابات، وانتهاز فرصة الدعوة ضمن ما اصطلح على تسميته بـ«القوات المحمولة جوا» خلال فترات ترشح النقيب الراحل إبراهيم نافع رغم أن ذلك لم يكن بالضرورة يعنى منح أصواتنا له.

ولذلك فإننى لم أعط أذنى لمن حاول إثنائى عن المشاركة فى انتخابات الجمعة الماضية بدعوى أن الجمعية العمومية لن تكتمل وأنه من المؤكد أنه سيتم الدعوة لها مجددًا فى الخامس عشر من مارس، فليس من الحكمة، لمن هم أمثالى، تفويت فرصة ذلك اليوم الذى يمكنك ِأن تلتقى فيه كافة الأحبة والأصدقاء الذين ربما قد لا تتيح لك الحياة لقاءهم سوى فى ذلك اليوم. صحيح أننى توجهت متأخرًا على غير عادتى حيث كنت بالنقابة بعد صلاة الجمعة ولكنى سجلت اسمى ضمن من سجلوا على أمل أن تكتمل المهمة فى اليوم ذاته دون حاجة لإعادة فى يوم آخر، غير أن أملى خاب، وهو ما بدا أمرًا ليس من الصعب استنتاجه لمن حضر فى ذلك اليوم.

إذا قال لى البعض إنه تصور لأول وهلة أنه أخطأ فى العنوان وذهب إلى مكان غير النقابة، لتصورت أن ما قاله به قدر من الصحة، صحيح أن دورات انتخابية عديدة سابقة تم تنظيم جولة ثانية لها لعدم اكتمال النصاب القانونى، ولكن انتخابات هذه المرة اتسمت بـ«الموات».. فلا معركة انتخابية حامية أو حتى باردة الوطيس. عندما صعدت إلى سلم النقابة لأستطلع المشهد عن بعد، لمحت من بعيد النقيب المرشح رفعت رشاد فى حوار خجول مع بعض الزملاء. هالنى مشهد النقابة من الداخل والتى بدت خاوية كأنها أجازة يوم جمعة!! تذكرت الزحام الذى كانت تشهده تلك الساحة وأدوار النقابة المختلفة لدرجة الاختناق فبدت نفسى لى كمن يبكى على أطلال زمن فات رغم أنه ليس منا ببعيد!

 حاولت أن أبحث عن المرشح الرئيسى ضياء رشوان، جالت عيناى فى كافة جنبات المكان، فلم أره، رحت أقول لنفسى ربما جاء وغادر لأمر عاجل، فتخيلت إجابة من بعيد: وما هو ذلك الشيء الأهم بالنسبة له أو لمن فى وضعه من لقاء الناخبين والابتسام لهم والترحيب بهم ودعوتهم من خلال فريق حملته الانتخابية لمنحهم صوته. رحت أقول لنفسي: لعله مطمئن إلى أن أصوات الناخبين فى جيبه وأنه لا داعى لأى جهد، وأن سياق الحملة والدعاية والمواقف المختلفة تكفيه مؤونة الاجتهاد لكسب أصوات الناخبين. تذكرت الانتخابات التى فاز فيها ضياء فى مواجهة مكرم محمد أحمد حين رحت أشد على يديه وأحتضنه والفرحة تغمرنى وتغمره وتغمر أجواء المشهد الانتخابى بعد أن فاز باعتباره المرشح الذى يعبر بحق عن جموع الصحفيين.. رحت أسرح بخاطرى فى تغير الأحوال والمواقع وأردد بينى وبين نفسى أنها «سنة الحياة».

 من بعيد نظرت بإشفاق لرفعت رشاد، الذى يذكرنى موقفه بفيلم أمريكى بعنوان «300»، والذى تدور أحداثه الفيلم حول الملك ليونيداس الذى يقود 300 اسبرطى فى معركة ضد «الملك المقدس الفارسى خشايارشا وجيشه الغازى الذى يضم أكثر من 300 ألف جندى، فى معركة غير متكافئة، رغم أن ذلك لا يبدو على زعيم الأسبرطيين الذى تنتهى المعركة بالنتيجة المنطقية وهى هزيمته، وهى الفكرة التى لم تواتنى الجرأة أو الوقاحة ربما لكى أسوقها لرشاد خلال زيارته لنا ضمن جولاته الانتخابية وعرض برنامجه ورؤيته على زملائه من الصحفيين، وهو أمر قد يكون بدافع الحرص على ألا أزيد الطين بللا.

رغم أن الرقم التقريبى للحاضرين فى السرادق كان يكاد أن يقترب من ألفى صحفى، إلا أن المفاجأة أن من سجلوا لم يتجاوزوا السبعمائة سوى بالكاد، وهو ما استتبعه الإعلان عن تأجيل انعقاد الجمعية العمومية إلى موعدها المقرر بعد أسبوعين.

رحت أساءل نفسى عن دلالات هذا الأمر؟ تعددت الإجابات دون أن أملك ترجيحًا لأحدها على الأخرى. كان من بين الإجابات أن الصحفيين ربما شعروا بعبثية المشاركة، فقرروا عدم الحضور. وحين بدا لى أن تلك إجابة غير مقنعة باعتبار أن انتخابات الصحفيين ربما تكون الوحيدة التى يصعب فيها تزييف إرادة ناخبيها فضلاً عن غياب سبب مثل هذا الأمر هذه المرة، بدا لى أنه ربما يكون ذلك الغياب نوعًا من السلوك الإحتجاجى على مهنة ضاعت «وراحت فى الوبا»، وأن البعض منا رأى أنه من الحكمة ألا يشارك فى تشييعها فى السرادق الذى ربما بدا فى نظر البعض مخصصًا للعزاء وليس للانتخابات، إلى مثواها الأخير.

عزز ذلك التصور لدى أننا على مدى أكثر من ساعة لم يكن لنا حديث كزملاء متنوعين سوى الأخطار والمشكلات التى تواجه المهنة وتهدد باندثارها! من فرط إحباطى لم أجد أمامى سوى الانسحاب منفردًا وممارسة الهواية التى أعشقها.. التجول بحرية وتأمل شوارع وسط البلد!

[email protected]