رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

 

 

الذين لا يعلمون شيئاً عن عمل القاضى المصرى، عليهم أن يكفوا عن نعيقهم، حتى لا ينفضح جهلهم وتفوح رائحتهم الكريهة وآراؤهم المنبوذة.

أقول هذا بمناسبة ما ذكره الدكتور محمد البرادعى منذ نحو عشرة أيام تعليقاً على الحكم الأخير الصادر من محكمة النقض المصرية بإعدام بعض المتهمين فى قضية اغتيال الراحل العظيم هشام بركات النائب العام السابق. وما أزعجنى فى تعليقات الدكتور البرادعى أنه رجل دارس القانون وحائز درجة الدكتوراه فى القانون أيضاً، والمفروض أنه على علم بأعمال القضاء، وكذا يعرف جيداً مدى نزاهتهم وحيدتهم، هذا فضلاً عن أن والده رحمة الله عليه كان من أعلام المحاماة ورجل قانون بارزاً إلى حد أنه تم انتخابه نقيباً للمحامين.

ورغم ذلك كله فإنى ألتمس العذر للدكتور البرادعى فى جهله بأعمال القضاء فى مصر، لأنه منذ أن أنهى دراسته التحق فوراً بالعمل بالسلك الدبلوماسى المصرى، وظل خارج البلاد أغلب أوقاته، وقد اختتم الدكتور البرادعى علمه فى الخارج حيث عين مديراً للوكالة الدولية للطاقة الذرية. كل ذلك يجعلنى أتغاضى عن التعليقات التى أدلى بها فى أعقاب صدور حكم محكمة النقض بحق بعض المتهمين باغتيال النائب العام السابق، آملاً فى أن يعود إلى صوابه ويكف عن معتقداته الخربة وآرائه الهدامة.

ما دفعنى لكتابة هذا المقال، مدافعاً عن رجال القضاء المصرى والذى أتشرف بأن أكون واحداً منهم فى عملى السابق، هو ما تردد أخيراً من بعض المنظمات الحقوقية -التى تدعى الدفاع عن حقوق الإنسان - من هجوم شرس على الحكم القضائى البات بإعدام بعض المتهمين فى قضية اغتيال الراحل هشام بركات، مدعين أن اعترافات المتهمين قد تم انتزاعها منهم عنوة، ولم يدلوا بها عن إرادة حرة. ويهمنى فى هذا المجال أن أوضح للقارئ العزيز أمرين الأول يتعلق بعمل النيابة العامة، أما الثانى فهو عمل القاضى المصرى الجالس على منصة الحكم.

أما عن عمل النيابة العامة، فهو ينقسم إلى مرحلتين، الأول هو مرحلة التحقيق والثانى هى مرحلة الاتهام. وتسمى النيابة العامة فى المرحلة الأولى بسلطة التحقيق، وفى الثانية بسلطة الاتهام. والنيابة العامة فى عملها كسلطة تحقيق لا يعنيها فى كثير أو قليل إثبات الاتهام على المتهم، فمهمتها فى هذه المرحلة كشف الحقيقة أياً كانت. وفى المرحلة الثانية إذا رأت النيابة العامة أن أدلة الإثبات لا تنهض دليلاً لإثبات الاتهام فى حق المتهم فإنها تصدر أمراً بلا وجه لإقامة الدعوى حسبما ترى سبباً له. أما إذا رأت أن الأوراق كافية لإدانة المتهم ففى هذه الحالة تحيل القضية إلى المحاكمة. وهنا تبدأ سلطة الاتهام بإثبات التهمة أمام المحكمة.

أما عن عمل القاضى، فهو يبدأ منذ قراءة أوراق الدعوى المطروحة عليه، وبعد ذلك يسمع من يرى من شهود الإثبات أو النفى، وبعدها يسمع مرافعة النيابة العامة، ثم يسمع دفاع المتهم، وفى النهاية يصدر حكمه بما يراه، مع مراعاة أمرين مهمين، أولهما أن الله سبحانه وتعالى سيحاسبه، والثانى ضميره سيؤنبه. فالقاضى يعلم يقيناً أنه سيأتى اليوم الذى يقف فيه بين يدى الله سبحانه وتعالى وسيحاسبه إن كان قد ظلم إنساناً. فالقاضى يخشى عقاب الله، خاصة أن الله سبحانه أمر القاضى بأن يحكم بين الناس بالعدل، فإذا ما خالف أمر الله حق عليه العقاب.

القاضى يا أيها الجهلاء لا يعنيه أن يظلم أحداً، بل بالعكس تماماً فالقاضى دائماً وأبداً إذا ما تشكك فى الاتهام يحكم بالبراءة، فهناك قاعدة معروفة على مر الزمن هى (أنه أولى بالقاضى أن يبرئ مائة مذنب على أن يظلم بريئاً واحداً). وفى هذا المقام لا يفوتنى الإشارة إلى أن من أهم الضمانات التى فرضها المشرع للحكم بالإعدام، هى أن حكم الإعدام الوحيد الذى اشترط القانون صدوره بإجماع الآراء، فيكفى أن يتشكك قاضٍ واحداٍ فى إدانة المتهم للعدول عن حكم الإعدام.

بقيت كلمة أخيرة أقولها لإخوان الشياطين ومن يعاونهم ويسير فى ركابهم، موتوا بغيظكم أيها الجهلاء، فلن تنالوا من قضاء مصر الشامخ، فالقاضى المصرى معروف بعدله وحياده، وهو لا يخشى أحداً إلا الله سبحانه فى سماه وضميره فى الأرض.

وتحيا مصر.