عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باقة حب

ونيمم وجوهنا شطر نزار قبانى فماذا نقرأ له هدية لك يا أيها الأمير فى مملكة الشعر والشعراء قاطبة:

هل تذكر ماذا قال لممثل السلطة؟

سألنى ضابط الحدود... كم عمرك؟

قلت: خمس وستون قصيدة

قال يا الله.. كم أنت طاعن فى السن!!

قلت «تقصد.. كم أنا طاعن فى الحرية»..

الحرية هى عنوان كل الشعراء.. لأنها عندها وفى محرابها يلتقى نداء القلب بصولجان العقل، أليس هو القائل: فى الشعر لا يوجد شىء اسمه استراحة المحارب.. فإما أن تكون شجاعا.. وإما أن تخرج من اللعب.

وعن كل شاعر شجاع يقول:

هو شاعر جماهيرى.. إذن لابد من شنقه على أهداب محبيه.. هو شاعر.. يعلم أشجار الغابة.. أن تسير فى مظاهرة من أجل الحرية.. وأخيراً:

هو شاعر، كلما ظهر فى أمسية شعرية أطلقوا عليه القنابل المسيلة للأحزان.. وأخيراً هو شاعر تزوج الحرية زواجاً عرفياً وأنجب أولاداً شعرهم بلون السنابل وعيونهم بلون البحر.. وانتهى ليقول: هل الشعر هو ديوان العرب؟ أم هو محكمتهم العسكرية؟

وأخيراً.. الشاعر هو الذى يعين الملوك وهو الذى يقيلهم... «وضرب مثلاً بأبى الطيب المتنبى».

نكتفى بهذا ونتذكر ما قاله فى «هوامش على دفتر النكسة»، وقال فيها ما قال ولنا معها عودة فى لقاء آخر ومناسبة فيها ينتصر الإنسان على الأحزان، والآن.. وقد آن للموج الحائر أن يقترب من الشاطئ ويهمس فيه من أسراره.. كلاماً وعته الريح وحفظ الشاطئ.. شاطئ الحب والغرام وأذاع سره.. وما بقى لنا إلا أن نُسمع أبناء بلدى ماذا قلت أيها الأمير الجميل، وفى يدك اليمنى زهرة فواحة لكل الأجيال، ماذا قلت يا ابن مصر - عن حب الوطن وازدهار الأوطان.. قلها من أجل الشعب الذى أحبك، واليوم يزداد فيك حباً وعشقاً.. وصوت العاشق الولهان:

اللهم زدنى حبهاً أبداً

رحم الله عبداً قال: أميناً

سأقطف من بستان كلماته الرطيبة بعضاً منها لتكون باقة حب لعشاق هذا الزمن، حتى يمجدوا هذا العاشق الفريد فى عشقه.. فى «لن أسلم رايتى» قال فى ثورة عاطفية:

عار على الوطن العريق تساقطت - فرسانه كمداً بلا غزوات وغدا قبيح الوجه يحمل سيفه - متعثر الأحلام والخطوات..

ولكن من أنت أيها الأمير:

أنا صيحة الحق الجسور تفجرت

فى ظلمة اليأس الطويل العانى

قل ما أردت عن البطولة والفدا

وأكتب جميل الشعر والأبيات

لا شىء أغلى من دماء مقاتل

بالدم يكتب أروع الصفحات

أنا صامد فى الأرض بين ترابها

وسط النخيل.. وفى شذا الزهرات

ويواصل القول الصادر فى وجه الريح:

أما أنا.. سأظل وحدى صامداً

وسط الخراب ولن تلين قناتى

وطنى الذى يوما جننت بحبه

ما زال حلمى.. قصتى.. مأساتى

قد عشت أحلم أن أموت بأرضه

ويكون آخر ما طوت صفحاتى

هل رأيتم إذن كيف يحب هذا الأمير، الوطن، ترابه، أشجاره كل ألوان كفاحه.. وقل هل من مزيد:

وطعن جميل كان يوما كقبة الأوطان

ماذا تبقى منه.. الآن تأكله الكلاب وترتوى

الآن ترحل عنه أفواج الحمام.. وتنعق الغربان

قل: إن الكلاب تنبح ولكن القافلة - بالحق - تسير

لا تعجب... فى زمنى باعوا المآذن والقرآن راضينا

هل من صلاح.. بسيف الحق يجمعنا - فى القدس يوما - فيحييها ويحيينا..

ما العمل أيها الأمير:

لن يقتلوا الشمس - مهما غاب موعدها - إن مزقوا الشمس لن تخبو القناديل. وسوف تشرق - على وادينا - الأرض بنور ربها، بعد ليل طويل، وقد قلت أيها النبيل:

يا أيها الليل الطويل - ماذا يضيرك إن تركت الصبح يلهو فوق أعناق الحدائق - ماذا يضيرك إن غرست القمح فى وطنى.. وحطمت المشانق.

ولماذا حزنك هذا الحزين هل:

لأن العدل - يا حبيبى- قد مات

والصبح - يا حبيبى - قد مات

والحق.. أيضاً - قد مات

ولكن لن نتنازل عن دعوتك الحسناء لنا:

عودوا إلى مصر.. صدر الأم يعرفنا - مهما هجرناه فى شوق يلاقينا

ومع الحب كله لك نقول معك «حتى يعود الوطن»!!!

ألست القائل قبل أن نودع هذا اللقاء إلى لقاء آخر أروع وأعظم:

اشتقت يوما أن تعودى بلادى

غابت وغبنا.. وانتهت ببعادى

وعلى المدى أسراب طير راحل

ما عاد فيها ضوء نجم شارد

ما عاد فيها صوت طير شاد

والعمر يبكى.. والحنين ينادى

ما بين عمر فر منى هارباً

وحكاية يزهو بها أولادى

وكان حزنك نبيلا وأنت تتحدث عن تلك المأساة: وصرخت.. والكلمات تهرب من فمى:

هذه بلاد.. لم تعد كبلادى.

لا أيها الأمير الذى بشعرك وحكمتك وحبك الدفاق لوطنك كتبت للأجيال كلها ملحمة من حب بلا حدود للوطن لزهره ونخيله ونيله.. والطيور تغرد، وسنابل القمح فى كل الحقول.. أنت ابنها البار.

القدس تناديك، والوطن كله من أقصاه إلى أدناه من المحيط إلى الخليج.. تحييك.. وسوف يتحقق حلمك الكبير: وأنت القائل:

ما زلت أحلم.. أن أرى وطنا يعانق صرختى

ويثور فى شمم ويرفض فى إباء...

ما زلت أحلم.. أن أرى فى القدس يوما...

صوت قداس يعانق ليلة الإسراء... ويطل وجه الله بين ربوعنا - وتعود أرض الأنبياء..

ومعك وبأمثالك سوف يصبح الحلم حقيقة، وهذه «باقة حب» أقدمها إلى فارس فى الميدان رجاء أن تتقبلها قبولاً حسناً.