رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

بعد مرور أكثر من سبعين عاماً على حادثة مقتل أمين عثمان على يد الشاب الثائر حسين توفيق والذي قتله لاتهامه بالخيانة وكانت تلك الحادثة التي اشترك واتهم فيها الزعيم الراحل أنورالسادات عام 1946 هي السبب الذي اكتشف من خلاله تنظيم الإخوان المسلمين وبداية عمليات الاغتيالات السياسية مستغلين وضع مصر آنذاك تحت الاحتلال البريطاني فقد كوّن الطالب حسين توفيق خلية سرية مع زملائه الطلاب لتطهير مصر من المحتلين والفاسدين وهو ما دعا الكاتب الكبير إحسان عبدالقدوس لأن يكتب قصة الرواية الشهيرة «في بيتنا رجل» لتخرج للنور كفيلم عام 1961 عن قصة ذلك الشاب المناضل إبراهيم حمدي أو عمر الشريف الذي يقتل رئيس الوزاراء المصري في الفيلم لتعاونه مع الإنجليز، ويخرج الفيلم هنرى بركات وتقوم بالبطولة زبيدة ثروت وحسن يوسف ورشدي أباظة، ويعد الفيلم من أفضل مائة فيلم مصري وعربي على مستوى العالم.. وهنا تكمن أكبر قضية خطيرة ألا وهي أننا جميعاً قرأنا تاريخنا خطأ وتعلمنا وكبرنا على أفكار متناقضة ومتباينة، فها نحن اليوم بعد قرابة القرن من الزمان نكتشف أن تاريخ مصر لم يكتب كما هو في الحقيقة، وأن ليس كل الباشوات خونة وفاسدين وأن قضية الأسلحة الفاسدة التي روج لها المغرضون من جماعة الإخوان المسلمين لم تكن حقيقية وأن حريق القاهرة ما هو إلا بروفة لحريق يناير 2011 من أقسام شرطة وعربات ومحلات ونهب وسرقة وقتل وترويع.. وأن  فكرة اغتيال كل من يختلف مع التنظيم وأهدافه وطموحه الدموي من أجل السلطة والسيطرة والحكم هي ذاتها متكررة في مقتل النائب العام هشام بركات ومقتل الضباط على أبواب بيوتهم بل ومقتل الجنود المصريين الشرفاء الأبرياء الذين يحمون الأرض والعِرض والوطن.

الاغتيالات السياسية بدأت منذ ذلك التاريخ وإعداد الشباب وتهيئة المناخ والرأى العام كان للفن والأدب دور كبير فى ترسيخها وإشعالها ولكل مرحلة كتُابها ومفكريها ولكل حكم من يسانده واليوم نجد أنفسنا نعانى ونقاسى وننزف الدماء والدموع بعد أن صفقنا فى الماضى لعمر الشريف القاتل واعتبرناه بطلاً قومياً علينا أن نحتفى به وأن نساعده ونخبئه فى بيوتنا وقلوبنا، ومن ثم لا عجب أن هناك من يعيد الكرة ويقتل ويغتال المصريين من ذات المنطلق والمفهوم ألا وهو الاختلاف فى الرأى واعتبار ذلك خيانة تستوجب الثأر والدم..علينا أن نعيد قراءة التاريخ والأدب من منظور ثقافى إنسانى أكثر منه بُعداً سياسياً أو اعتقاداً دينياً بحتاً، ولذا فإنه إذا كان الأدب والفن قد لعبا دوراً فى المرحلة السابقة لثورة 1952 فإن الإعلام لعب دوراً سلبياً فى ثورة يناير 2011، وحاول أن يكون إيجابياً فى يونيو 2013  ولكن بعد ذلك تحول الإعلام إلى معول هدم حقيقي للشخصية المصرية وللمثل والنموذج فى تسطيح بينّ ووأوضح للعقل المصرى وتقديم نماذج فنية للمشاهد باعتبار أن هذا هو المثل وأن هؤلاء هم القدوة وأن الشعب المصرى لا يجب أن يفكر فى السياسة وفى نقد الحكومة أو البرلمان وأن من يفعل ذلك يعد خائناً للوطن الذى ينشد الاستقرار والأمن ويصل الأمر فى الإعلام لأن تختفى القنوات المصرية الرسمية من ماسبيرو وتتحول البرامج فى القنوات، الخاصة التى تسيطر عليها شركة بعينها إلى برامج إعلانية تجارية لا تقدم للمشاهد إلا كفاح الراقصات وتاريخهن أو بطولات زائفة للبلطجية وقُطاع الطرق والمجرمين الذين دفعتهم ظروف الفقر والفساد إلى طريق الإجرام فيصبحون نجوماً وأبطالاً يقلدهم الشباب والصغار.. ثم نقول :كيف وصل الشعب المصرى إلى هذا المستوى من التدنى الأخلاقى والسلوكى.. وكيف انتشر الفاسدون فى كل المجالات.. وكيف أصبح المعلم المدرس في تلك الهيئة الخارجية والداخلية في بحثه عن المادة على حساب القيمة والعلم.. ماذا قدم الإعلام لهؤلاء؟ وماذا فعلنا نحن جميعاً لهم حتى نطلب منهم النهوض والتغيير والإصلاح والتطوير؟!

مصر في محنة وامتحان مجتمعي أكثر منه سياسياً أو اقتصادياً أو أمنياً فسيظل بناء الفرد والمواطن والهوية أهم وأصعب من أي بناء آخر والسبيل هو التعليم الجيد الجاد والثقافة الهادفة من خلال فن راقٍ وإعلام صحيح متعافي يدرك الأولويات ويعرف كيف ينير العقول أكثر من جباية الأموال والمكوس.