كلمة عدل
ما زال الحديث مستمراً مع الفيلسوف العظيم أرسطو ويكاد كتاب أرسطو «الشعر» أن يكون الكتاب المفرد الذى كان له أعظم الأثر فى النقد الأدبى. فى هذا الكتاب، يمحِص أرسطو طبيعة فن المأساة آخذاً أوديب ملكاً لمؤلفها سوفوكليس نموذجاً أساسياً، وكان أرسطو يعتقد أن المأساة تؤثر على المشاهد عن طريق إيقاظ عاطفتى الشفقة والخوف، ثم تنقيته وتطهيره منهما. وقد أطلق أرسطو على هذه العملية اسم «التطهير».
وهو ثانى فلاسفة الغرب قدرا بعد أفلاطون. مؤسس علم المنطق، وصاحب الفضل الأول فى دراستنا اليوم للعلوم الطبيعية، والفيزياء الحديثة. أفكاره حول الميتافيزيقيا ما زالت هى محور النقاش الأول بين النقاشات الفلسفية فى مختلف العصور، وهو مبتدع علم الأخلاق الذى ما زال من المواضيع التى لم يكف البشر عن مناقشتها مهما تقدمت العصور، ويمتد تأثير أرسطو لأكثر من النظريات الفلسفية، فهو مؤسس البيولوجيا (علم الأحياء) بشهادة داروين نفسه، وهو المرجع الأكبر فى هذا المجال. وشعره يعتبر أول أنواع النقد الدرامى فى التاريخ، وتأثيره واضح على جميع الأعمال الشعرية الكلاسيكية فى الثقافة الغربية وربما غيرها أيضا، ويرجع سبب هذا التأثير إلى أن أعمال أرسطو كانت شاملة، وتحيط بجميع الجوانب الحياتية، وتروق لجميع أنواع البشر والثقافات.
وبعد موت أرسطو، استمر التقليد الفلسفى الأرسطوطالى سائداً خلال الحقبة الهلنسية (الإغريقية) من خلال المدرسة المشائية التى أسسها، وقد ساعد ظهور النزعات الانتقائية والكلاسيكية المحدثة خلال القرن الأول قبل الميلاد على تنصيب أرسطو كمرجعية فلسفية وحيدة لجميع الفلاسفة، وخصوصاً فى المنطق والعلوم الطبيعية، أما فى الفترة من القرن الثالث، وما تلاه، فقد كانت الفلسفية الأفلوطينية هى السائدة حينذاك، وذلك لأنها ناسبت الحياة الدينية المسيحية التى انتشرت فى ذلك العهد، وقد تبنى رجال الدين المسيحيون فى عصر الدولة الرومانية والبيزنطية والإسلامية التوجه الأفلاطونى، ونبذوا الفلسفة الأرسطوطالية باعتبارها نوعاً من الهرطقة.
ولقد أثر أرسطو كثيراً فى مفكرى العالم بعلم المنطق الصورى الذى جاء به ويعتبر أول القواعد التى عرفتها البشرية، ويمكن فيه أن نميز بين مجموعة من المفاهيم مثل: التصور وهو فكرة عامة تعبر عن مظهر من مظاهر الواقع كقولنا شجرة، إنسان.. الحد: وهو اللفظ أو الكلمة التى نعبر بها عن التصورات، الكليات الخمس: وهى أساس القيام بالتعريف المنطقى وهى الجنس، الفصل النوعى، النوع، الخاصة والعرض العام، يمكن التمييز بين نوعين من الاستدلال الأرسطى: مباشر وفيه تقابل القضايا وعكس القضايا.
.. وللحديث بقية
رئيس حزب الوفد