رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

خارج السطر

تحرير العقل ضرورة إنسانية قبل أى شيء. طريق للتقدم والتنمية، وأسلوب للتغير.

 لا سبيل للنهضة الحقيقية دون صياغات جديدة للفكر وآفاق بعيدة للتفكير تركز على تحرير العقل أولاً من شوائب المسلمات الموروثة، والنمطية فى التعامل مع الحياة الحديثة.

كُنا على مدى عقود أسرى المحاكاة وعبيد التقليد، نتلقف كُل جديد برغبة عارمة فى التجريب دون محاولات للغوص لطرح الجديد نفسه. نمضى على طريق المدنية مستهلكين لا منتجين، متبعين لا مبتدعين، خوفاً من الفشل أو استسهالاً للسير خلف الأقوى أو الأفضل. نفعل ذلك رغم أنه لا نجاح حقيقياً دون مجازفة ولا تقدم فعلياً بلا ابتداع ذاتى نابع من داخلنا.

يتوسم المصلحون فى بلادنا الخير فى أمر أو الفلاح فى منحى، فيفتشون عن تجارب أمم سابقة ويسعون إلى استنساخها وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً.

والنتائج تكون فى الغالب محبطة، لأننا لا نُخلّق التجربة وإنما نستوردها. فى كل مجال وعلى مدى عقود طويلة من الحكومات والأنظمة والنُخب نُكرر نفس الغلط، ولا نبتكر حلولنا الذاتية.

وأتصور أن السبب أننا لا نفتح نوافذ للخيال، ونتصور أن تحصيل المعرفة وحده كفيل بتحقيق التقدم، متناسين مقولة ألبرت أينشتاين المذهلة بأن الخيال أقوى من المعرفة.

فى ظنى لو شئنا الخير لسعينا إلى إطلاق الخيال ليضع تصورات جديدة ويصيغ مناهج مستحدثة مستندين إلى أن العقل البشرى واحد وأن ما يُمكن لعالم فى اليابان فعله، يساوى بنفس القدر ما هو متاح لإنسان فى صعيد مصر تخيله.

ولاشك أن موروثات اجتماعية بغيضة تلعب دوراً فى زعزعة الثقة بقدراتنا على التخييل وتكاد تحكم تراثنا الثقافى منها للأسف الشديد ما هو مُختلط بتصورات الناس عن الدين وما هو بدين، مثل القول المرسل بـ«أن شر الأمور مستحدثاتها وكل مستحدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار»، أو قول المثل الشعبى البغيض «اللى نعرفه أحسن من اللى منعرفوش» حاكمين على ذلك المجهول بأنه أسوأ كثيراً من الواقع.

إن الاكتشافات العلمية الخارقة التى قلبت العالم وبدلت معالمه منبعها الأول هو الخيال. أن تفكر بعيداً بعيداً دون حدود، أن تفتح قلبك وعقلك وتُحلق فيما وراء المباشر، أن تكسر حواجز المألوف، وتبحر فى محيطات نائية.

ما ولدت النهضة من فراغ. الجمود خانق للأمم، والسكون مميت. السير خلف الآخرين ليس حلاً ولن يكون، لذا فإننا نحتاج أن نكون نحن أنفسنا أولاً لا غيرنا، ثُم علينا بعد ذلك أن نحرر عقولنا لتتخيل لكن بدون ضفاف، وبدون قوالب.

 الثبات قرين الموت، والحركة ديدن العمران، ولا سبيل لنيل الخير لأولئك المتفرجين دوماً، القانعين، الراضين بكل شيء، واللاعنين سوء الحظ وسوء الظروف وضعف الإمكانيات.

هناك بلدان تفوقت بعد قرون من النعاس، وهناك أمم تقدمت بعد عصور من التخلف، وهناك شعوب تحررت بعد أزمنة من القهر.

المهم والضرورى واللازم. أن نتحرر فكراً أولاً، فتلك البداية.

والله أعلم.

[email protected]