كلمة عدل
ما زلنا فى رحاب الفيلسوف العظيم ابن طفيل الذى كانت له مؤلفات فى الفلك، أشار ابن رشد إلى أحدها فى شرحه الأوسط على كتاب (الآثار العلوية) لأرسطوطاليس، ويشير تلميذ ابن طفيل البطروجى إلى هذا أيضًا فى مقدمة كتابه فى الفلك. أما آثاره الفلسفية فلم يبق منها غير كتاب واحد هو (حى بن يقظان)، وإن كان عبدالواحد المراكشى يذكر أن له رسالة فى النفس رآها بخطه، بيد أن هذه الرسالة فقدت، ثم إن جوتييه يشكك فى رواية المراكشى زاعمًا أنه اختلط عليه الأمر بين رسالة حى بن يقظان وبين ما ادّعى أنه رسالة فى النفس.
وكان ابن طفيل قد اشتهر بقصته الفلسفية (حى بن يقظان) التى سبق ظهورها عصر النهضة بأوروبا وعصور كوبرنيق وجاليليو ونيوتن وإينشتاين وديراك وهبل وغيرهم من أقطاب الفلك الحديث. والقصة رغم دلائها الإيمانية التأملية فى منظومة الخلق والكون من خلال فكر إنسان كان يعيش منفردا فى جزيرة نائية منذ أن ألقى به فى اليم وهو رضيع. فاهتدى بفطرته إلى مكنونات الخلق وعظمة الخالق من خلال عقله وبصره وسمعه. كما اهتدى ببصيرته إلى الإيمان.
لهذا نجد ابن طفيل يحدثنا فى سياق قصته عن (البعد الثالث) بالكون وسماه الأقطار الثلاثة بالسماء وحددها بالطول والعرض والعمق. وكيف يعتقد أنها ممتدة إلى مالا نهاية.
وحدثنا ابن طفيل فيما حدثنا به عن منظومة (وحدة الكون) قائلا: إن الفلك (الكون) بجملته وما يحتوى عليه من ضروب الأفلاك شيء واحد متصل ببعضه بعض كشخص واحد. كما حدثنا عن ( نشوء الكون) قائلا : إن العالم (الكون) لا يمكن أن يخرج إلى الوجود بنفسه ولا بد له من فاعل (محدث) يخرجه إليه. وكان العدم والوجود من الأمور المثارة فى علم الكلام ولا سيما لدى المعتزلة بالعصر العباسى حيث كانوا يبحثون فى مسألة الخلق والقدم والحداثة للكون.
وفى حديثه عن التناسق الكونى نراه يقول: الكواكب والأفلاك كلها منتظمة الحركات جارية على نسق. كما حدثنا عن المادة المضادة بمواد الكون قائلا: وإن أكثر هذه الأجسام مختلطة ومركبة من أشياء متضادة ولذلك تؤول إلى الفساد. كما حدثنا عن الجاذبية الكونية والانتفاخ الكونى والجينات والانكسار الضوئى والمادة المظلمة بالكون وتكوير الأرض والشمس والقمر باستفاضة.
.. وللحديث بقية
رئيس حزب الوفد