رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

إشراقات

أكتب لكم اليوم عن مواطن شريف، رحل منذ أيام قليلة، قطعاً لا تعرفونه فهو معروف فى بلدى، وله تلاميذ ومريدون ما زالوا يذكرون فضله، وأنا أولهم، فقد تلقفنى وأنا أحبو خطواتى الأولى فى عالم الصحافة، وظل يتابعنى بكل فخر واعتزاز، وكأننى ابن من صلبه، يفرح لأى إنجاز أحققه، ويحزن لأى إخفاق يصيبنى!

الحاج مصطفى كما كنا نناديه، هو واحد من أشرف السياسيين فى بلدى، لدرجة أننى كنت أرفض تماماً المقولة التى تتردد على ألسنتنا ليل نهار، أن السياسة لعبة قذرة، وكنت أتساءل كيف تكون لعبة قذرة، وفيها شرفاء أمثال الحاج مصطفى الشطبى!

فهذا الرجل البسيط، الذى عاش طوال عمره يعشق الزعيم جمال عبدالناصر، لدرجة أنه كان فى كل عام يقتطع جزءاً من دخله المتواضع، كموظف فى شركة الكراكات، ليحضر للقاهرة للاحتفال بذكرى عبدالناصر فى قبره، مع أولاده وأحبابه ومريديه، كناصرى قديم وصديق مقرب، من كل القيادات الناصرية.

وقد خاض الرجل انتخابات البرلمان، ومع ذلك لم يوفق نظراً لسيطرة القبلية والجهل، على العملية الانتخابية فى صعيد مصر.

لكن فى شركته، وثق فيه زملاؤه كمدافع شرس عن مصالحهم، حتى انتخبوه رئيساً للجنة النقابية بالشركة لسنوات عديدة، ولم يخيب الرجل ثقة زملائه فيه، وظل شريفاً عفيفاً طوال فترة خدمته، حتى أحيل للمعاش قبل سنوات قليلة.

وقد تألمت بشدة حتى سالت دموعى، والرجل يشكو فى العام الماضى، على صفحته على الفيس بوك من عدم وجود واسطة له كى يلحق ابنه الشاب المقبل على الزواج، ويحتاج لعمل يقتات منه وسكن يؤويه هو وعروسه، ناهيك عن تكاليف الزواج الباهظة، التى كان الرجل الشريف لا يمتلكها ويقف عاجزاً حيالها!

وهو الذى ظل طوال عمره سياسيا شريفاً يرفض بيع نفسه أو المتاجرة بمبادئه، فلم ينحز لأى برلمانى حرامى، أو يسير فى ركاب أى مسئول فاسد، بل كان دائماً وأبداً صوت الغلابة والمعبر عن مطالبهم، حتى أنشأ جمعية خيرية كانت تقدم المساعدة لكل محتاج فى بلده والبلاد المحيطة.

ومنذ شهور بدأت معاناة الرجل مع المرض وظل يقاوم حتى آخر لحظة من حياته، حتى استراح إلى الأبد.

الشهر الماضى فوجئت بمكالمة تليفونية منه يطلب لقائى بالقاهرة، وكأنه يريد أن يودعنى ولكنى للأسف الشديد كنت على سفر خارج القاهرة، فلم أتمكن من لقائه أو وداعه الوداع الأخير.

سلام يا حاج مصطفى، إلى جنة الخلد، فالجميع يشهد بشرفك وأمانتك ونظافة صفحتك.. والله لقد خسرت السياسة القنائية، واحداً من أشرف رجالها.