رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

تكشف وقائع التاريخ الحديث والمعاصر عن أن مصر لعبت دورا محوريا في أفريقيا، وأن سياساتها خلال عقدي الخمسينيات والستينيات كانت من بين أسباب انتشار حالة التحرر من الاستعمار في تلك الفترة. وقد انحسر هذا الدور برحيل الرئيس جمال عبد الناصر وعزز حالة الانحسار سياسات خلفه خاصة في مرحلة ما بعد حرب أكتوبر، بالتطبيع مع إسرائيل فتم كسر واحد من أبرز المواقف التي التفت حولها القارة في علاقاتها العربية وهي رفض الاعتراف بإسرائيل.

 وقد وصلت العلاقات إلى أدني مستوى لها في ظل حكم الرئيس الأسبق مبارك حيث بدا أن أفريقيا سقطت من أجندة السياسة المصرية إلى أن كانت 30 يونيو والتي أصبحت نقطة مفصلية سلبية على خلفية رفض الدول الأفريقية الاعتراف بالنظام الجديد في مصر بل ومقاطعته وتعليق عضوية مصر في الاتحاد الأفريقى، وهو الأمر الذي تم تجاوزه بشكل تمكنت معه مصر بفعل جهود دبلوماسية مكثفة من استعادة وضعها الطبيعي في التنظيم خلال عام 2014.

على هذه الخلفية وسعيا لتصحيح الوضع ركزت السياسة المصرية في السنوات الخمس الأخيرة على أفريقيا وأصبحت إحدى الدوائر الأساسية على أجندتها وهو ما انعكس في حالة لا يمكن إنكار أنها تحولت إلى الأفضل على نحو قد يعيد إلى الأذهان لدى البعض تلك التي كانت تربط مصر بالقارة السمراء في عهد عبد الناصر.

وقد جاءت رئاسة مصر للمنظمة خلال الأيام الماضية وهو الأمر الذي يتم وفق قواعد إجرائية تنص عليها قواعد العمل في الاتحاد، بمثابة فتح المجال مرة أخرى لتعزيز الدور المصري في أفريقيا. يقتضي مكاشفة النفس هنا وعدم الانسياق وراء خداعها الإشارة إلى أن الأمر يتجاوز الشعارات إلى العمل، فعلاقاتنا بأفريقيا لن تتطور ولن تعود علينا وعلى القارة بالخير إلا بسياسات حقيقية على أرض الواقع.

ومن هنا يبدو من الغريب تلك الجلبة التي راح البعض يثيرها خلال الأيام الماضية بشأن الدور المصري في أفريقيا وأنه عاد لمجده مع توليها رئاسة المنظمة، فتلك الخطوة، كما أشرنا، تأتي في إطار الرئاسة الدورية للاتحاد بين دول القارة حيث كانت الدورة السابقة لرواندا، حيث تسلم الرئيس السيسي من رئيسها بول كاجامي مهمة رئاسة الاتحاد الأفريقى.

ليست تلك هي الخطوة التي يجب التركيز عليها في محاولة البعض للإيحاء بتعاظم الدور المصري في الخارج، فقد حققت الدولة بحق جانبا من استعادة وضعها في أفريقيا بفعل تركيز السياسة الخارجية خلال الفترة الماضية على تلك القارة.

تقتضينا الموضوعية الإشارة إلى أن تميز رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي إنما سيتم قياسه بحجم الإنجاز الذي سيتم تحقيقه على أرض الواقع. ومن خلال خطاب الرئيس أمام القمة الأفريقية من الواضح أن مصر لديها برنامج عمل متكامل أو ما جرى وصفه بـ «خريطة طريق» لمستقبل أفريقيا منها مثلا تأكيد الرئيس السيسي على ضرورة حصول القارة على مقعدين في مجلس الأمن وليس مقعدا واحدا. هذا إلى جانب ما أكد عليه الرئيس بشأن محاور التنمية من تعزيز التكامل الإقليمي وسرعة إنشاء منطقة التجارة الحرة، وتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، ومواجهة مشكلة النازحين وتهيئة الظروف لعودتهم إلى ديارهم.. هذا فضلا بالطبع عن إيجاد أكبر قدر من التوافق السياسي بين دول القارة حول مجموعة القضايا الأساسية التي تشغل اهتمام دولها على الصعيد الدولى.

المتابع للموقف يلمس أن مصر لديها برنامج طموح يتجاوز تلك الجلبة الزائفة التي يروج لها البعض، والمهم هنا هو العمل على تنفيذ ذلك البرنامج، ولعله على هذه الخلفية يمكن استيعاب بدء انتقاد البعض للتوجه المصري بترويج مزاعم عن أن مصر لديها أجندة خاصة بها في أفريقيا، وهو أمر يجب تفويت الفرصة على مروجيه والتركيز على تحقيق إنجازات يلمسها المواطن الأفريقي وذلك هو التحدي الحقيقي أمام صانع السياسة الخارجية المصرية في أفريقيا.

[email protected]