عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

نقطة ساخنة

 

 

كانت مصر منذ عهد محمد على باشا والذى حكم مصر عام 1805 تدرك عن وعى الأهمية السياسية والاقتصادية للقارة السمراء بالنسبة لمصر.. لذا أرسل محمد على باشا خبراءه وجنوده إلى قلب أفريقيا حيث منابع النيل، لتأمين مصادر المياه التى تعيش عليها  مصر لإحداث نهضة زراعية.. وقد كان.. وظل أولاد محمد على باشا من بعده يسيرون على نهجه، ويضعون دول حوض النيل تحت رعايتهم واهتمامهم البالغ، ولم يفرطوا فى ذلك.

وعندما تولى عبدالناصر حكم مصر، وضع أفريقيا ضمن أولويات سياساته الخارجية، فدعم دول أفريقيا سياسياً وعسكرياً من أجل التحرر.. أنشأ شركة النصر للتصدير والاستيراد التى لعبت دوراً سياسياً وعسكرياً ولوجستياً مهماً فى أفريقيا لدعم ثورات التحرر ضد الاستعمار الإنجليزى والفرنسى.. وأرسل عبدالناصر شركة المقاولون العرب إلى دول عديدة فى أفريقيا للمشاركة فى البناء والتعمير والنهضة.. وكان رد فعل هذه الدول الأفريقية هى دعم ومساندة مصر فى كل المحافل الدولية، سواء ضد الغرب وأمريكا أو ضد إسرائيل، فرفضت أفريقيا عن بكرة أبيها أى علاقات سياسية أو دبلوماسية أو اقتصادية مع الكيان الصهيونى المغتصب لأرض فلسطين، ورفضت أيضاً فتح أى مكاتب للتمثيل الدبلوماسى فى تل أبيب قبل أن يحصل الفلسطينيون على حقوقهم المشروعة.. وكان هذا دعماً دولياً مهماً ومؤثراً فى السياسة المصرية الخارجية.

وجاء الرئيس أنور السادات، وكان يدرك أيضاً أهمية أفريقيا لمصر.. فأنشأ وزارة مهمتها تدعيم العلاقات المصرية الأفريقية.. وعين لها وزيراً بارعاً وسياسياً محنكاً هو بطرس غالى، الذى  صار فيما بعد أميناً عاماً للأمم المتحدة.. ولعبت هذه الوزارة دوراً مهماً وحيوياً فى دعم الدول الأفريقية لمصر فى معركتها ضد إسرائيل.. وفى دعم القضية الفلسطينية.

وفى عهد الرئيس مبارك ـ سامحه الله ـ أدارت مصر ظهرها لأفريقيا.. وتحولت وجهتنا الخارجية شكلاً وموضوعاً إلى الغرب وخاصة أمريكا.. لدرجة أن الخارجية المصرية كانت ترسل سفراءنا الممتازين أو المميزين إلى دول أوروبا وأمريكا.. أما المغضوب عليهم فكان يتم إرسالهم إلى دول أفريقيا على اعتبار أنها دول درجة ثالثة«!!».

وبعد محاولة الاغتيال الفاشلة للرئيس مبارك فى أديس أبابا عام 1995 تحولت مصر كلياً عن أفريقيا.. وتركت إسرائيل ترتع فيها كيفما تشاء، حتى تمكنت تل أبيب من إقامة علاقات دبلوماسية مع غالبية الدول الأفريقية، تلاها علاقات  اقتصادية مرعبة، أثرت كثيراً على الأمن القومى المصرى.

وطوال فترة حكم مبارك ـ سامحه الله ـ تراجع دور مصر الاقتصادى والسياسى فى أفريقيا.. وتم تقزيم دور الشركات المصرية العاملة هناك.. وظهور دور كبير للشركات الاسرائيلية والصينية والتركية والهندية، وحدث شبه اختفاء لدور شركات النصر للتصدير والاستيراد، والمقاولون العرب، حسن علام، وغيرها من شركات التشييد والبناء.

إن رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى هى فرصة ذهبية وبداية حقيقية يمكن من خلالها أن تستعيد مصر دورها السياسى والاقتصادى فى أفريقيا.. وفرصة أيضاً لإعادة العلاقات التاريخية مع القارة السمراء التى نسيناها سنوات طويلة فضاعت من أيدينا.

ولكى يعود النفوذ المصرى الاقتصادى والسياسي فى أفريقيا، يجب وضع خطط عاجلة لزيادة الصادرات المصرية للسوق الأفريقى، وتدشين مشروعات كبرى بأيدٍ مصرية فى بعض البلدان الأفريقية.. وقبل هذا وذاك.. هل تعيد القيادة السياسية المصرية استحداث وزارة جديدة للشئون الأفريقية،يتولى مسئوليتها رجل كفء يجيد الانجليزية والفرنسية معاً، ولديه رؤية اقتصادية غير تقليدية لزيادة التبادل التجارى بين مصر وأفريقيا، وزيادة الاستثمارات المشتركة؟.. إننا نريد شراكة حقيقية مع القارة السمراء.. نريد الهجرة إلى الجنوب وليس إلى الشمال.