كلمة عدل
فى إطار الحديث عن الفلاسفة العظام الذين غيروا وجه التاريخ على الأرض، نتحدث اليوم عن شخصية عربية لها دور رائد فى مجالات كثيرة وهو ابن طفيل فيلسوف وعالم وطبيب عربى مسلم ورجل دولة وهو من أشهر المفكرين العرب الذين خلفوا الآثار الخالدة فى عدة ميادين منها: الفلسفة والأدب والرياضيات والفلك والطب وكان من وزراء دولة الموحدين فى وقت عظمتهم.
وهو أبو بكر محمد بن عبدالملك بن محمد بن محمد بن طفيل القيسى الأندلسى (1100م- 1185م)، عربى من بنى قيس عيلان بن مضر وينسب أيضاً فيقال: الأندلسى والقرطبى والإشبيلى ويكنى بأبى جعفر، هو فيلسوف وفيزيائى وقاض أندلسى، ولد فى وادى آش، فى الشمال الشرقى من غرناطة، ثم تعلم الطب فى غرناطة وخدم حاكمها. توفى فى عام 581هـ الموافق 1185م فى مدينة مراكش، ودفن هناك، واشترك السلطان أبو يوسف فى تشييع جنازته، كان ابن طفيل فيلسوفاً ومفكراً وقاضياً وطبيباً وفلكياً.
ولد بمدينة وادى آش قرب غرناطة، درس الفلسفة والطب فى غرناطة، أعظم فلاسفة الأندلس ورياضيها وأطبائها، تولى منصب الوزارة ومنصب الطبيب الخاص للسلطان أبى يعقوب يوسف أمير الموحدين, وكانت له حظوة عظيمة عنده، كان معاصراً لابن رشد وصديقاً له، لم يصل إلينا من كتبه سوى قصة حى بن يقظان أو (أسرار الحكمة الإشراقية) وقد ترجم إلى عدة لغات أجنبية وهى قصة تشتمل على فلسفة ابن طفيل وقد ضمنها آراءه ونظرياته، وتدور القصة حول «حى بن يقظان» الذى نشأ فى جزيرة من جزر الهند تحت خط الاستواء، منعزلاً عن الناس، فى حضن ظبية قامت على تربيته وتأمين الغذاء له من لبنها ومازال معها، وقد تدرج فى المشى وأخذ يحكى أصوات الظباء ويقلد أصوات الطيور ويهتدى إلى مثل أفعال الحيوانات بتقليد غرائزها، ويقايس بينها وبينه حتى كبر وترعرع واستطاع بالملاحظة والفكر والتأمل أن يحصل على غرائزه الإنسانية وأن يكشف مذهباً فلسفياً يوضح به سائر حقائق الطبيعة.
الأساس الفلسفى لهذه القصة هو الطريق الذى كان عليه فلاسفة المسلمين الذين نهجوا على مذهب الأفلاطونية الحديثة وقد صور ابن طفيل الإنسان، الذى هو رمز العقل، فى صورة حى بن يقظان وقد رمى ابن طفيل من ورائها إلى بيان الاتفاق بين الدين والفلسفة وهو موضوع شغل أذهان فلاسفة الإسلام.
لقد كانت لابن طفيل آراء مبتكرة فى علم الفلك. وقد ذكر البطروجى أنه أخذ عن ابن طفيل قوله فى الدوائر الداخلية فى حركات الأفلاك. توفى ابن طفيل فى مراكش عن 87 عاماً.
له مؤلفات فى الطب، فقد ذكر لسان الدين بن الخطيب أنه ألف كتاباً فى الطب فى مجلدين، وذكر ابن أبى أصيبعة أن لابن رشد كتاباً عنوانه (مراجعات ومباحث بين أبى بكر بن طفيل وبين ابن رشد فى رسمه للدواء فى كتابه الموسوم بالكليات). كما ذكر ابن الخطيب أن له (أرجوزة فى الطب).
و«للحديث بقية»