عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

أوراق مسافرة

احتملت غيابه أشهر طويلة وأنا مطحونة فى تربية طفلى، كنت أحكى لنفسى مواويل الصبر فى ليالى الوحدة، وأمنيها بالمستقبل الأفضل لى ولأولادنا بعد أن يعود بثمار غربة دفعت ثمنها أنا أيضاً، لم أصدق ما يتناثر حوله من أنه يأتى لزيارة مصر خلسة، ويعود إلى بلد الاغتراب الأوروبى دون أن يخبرنى أو يرانى أنا وطفليه، وكلما سألته أنكر، وعندما طال غيابه عاماً وأكثر ولم يأت إلينا فى بيت أبى الذى كنت أفضل أن أعيش به لأغالب الوحدة ولأسرى عن نفسى وأبى بعد وفاة أمى، اتصلت به عشرات المرات ولم يرد، وأرسلت له رسائل ولم يجب، عصف بى القلق لأجله، خشيت أن يكون أصابه مكروه ولا يريد أن يخبرنى به رحمة بى، واتصلت بزملاء له فى غربته، وكانت الصدمة التى اقتلعتنى ودمرتنى.. قالوا إنه طلقنى غيابى، وتزوج فى غربته بأخرى.

كيف..ولماذا، ومتى، ماذا فعلت له لأجنى الغدر، لم أجد أى إجابات، حتى عندما علمت بعودته، وجدته قد بدل مفاتيح شقة الزوجية التى باسمه رغم أنى حاضنه، وأغلق الشقة وعاد من حيث أتى، ليحتفظ لزوجته الجديدة ببيتنا الذى أسسته أنا قطعة قطعة، طلقنى غيابى منذ أشهر ولم يخبرنى إلا بعد أن ضيقت حلقات التساؤل حوله، ولم يرسل لى حتى ورقة الطلاق، ليسقط حقى فى المسكن والنفقة.

يا أولى الأمر..يا فقهاء الشريعة. من الرجال كثير يستخدمون حقهم فى الطلاق الغيابى وسيلة لقهر وظلم الزوجة واستلابها حقوقها، الزوجة عندما تلجأ للمحكمة لطلب الطلاق لغياب الزوج وعدم إنفاقه عليها فى غيابه الطويل، يتم إخطاره على أى عنوان له، ويقوم القاضى بمراسلة الزوج وإلزامه بالعودة، وإذا لم يعد، يحكم القاضى بما يراه مناسباً من الطلاق، وتطول إجراءات القضية، ويعلم الزوج تماما ما يجرى، ولكن عندما يرغب الرجل فى طلاق زوجته غيابيا، سهل جدا أن يطلقها، ولا يعلمها، ولا يرسل لها أى إخطار، أو حتى يرسل لها على عنوان خطأ نكاية بها، وتظل المرأة معلقة معتقدة إنها زوجه أشهر أو حتى أعوام، فيما هى فى الواقع مطلقة، وزوجها يعيش حياته فى سعادة مع أخرى.

لقد أصبح الطلاق الغيابى رصاصة غدر فى قلب الزوجات الأمنات، ومعه يسقط حقها فى النفقة والكسوة والسكن، وما أكثر قصص الطلاق الغيابى، خاصة عندما ينتقل الزوج إلى بلدٍ آخر للعمل أو للدراسة، فيطلّق زوجته الأولى ويتزوج أخرى، وكثيرون يلجأون للخداع بعدم إعلام الزوجة بطلاقها، إما بعدم إتمام الطلاق الغيابى أمام القضاء والتلفظ به فقط، أو بالتحايل مع المأذون وأقول بعض وليس كل مأذون بشكل أو بآخر، حتى لا يخبر الزوجة، فيكون هذا الطلاق الغيابى ضرراً للمرأة، تنافياً مع الإسلام الذى حرَّم الضرر، وقول رسولنا الكريم «ص»: «لا ضرر ولا ضرار».

الأسر المصرية تضج بمآسى وقصص عذاب بسبب الطلاق الغيابى، والذى أعتبره طلاق غدر وقهر، مع احترامى لكل تفسيرات المفسرين، لا يمكن لأى فقه أن يبيح الغدر والظلم، ومن هنا أطالب بتشريع قانون يلغى الطلاق الغيابى على هذه الشاكلة، وألا يتم أى طلاق إلا بحضور الزوجة أو وكيل عنها، وأن يتم الطلاق بحضور شاهدى عدل مثلما يتم فى عقد الزواج، حفاظاً على الأسر المصرية من التفسخ والانهيار، ولمحاربة التلاعب والاستهتار والظلم من قبل بعض الأزواج، ولإتاحة الفرصة للإصلاح بين الزوجين وعدم ترك الحياة الزوجية وفقاً لهوى رجل ضاعت لديه قيمة الزواج الحقيقى وأصوله من أمن وسكن واستقرار وثقة.

الطلاق الغيابى غدر بالزوجات وظلم، والغدر والظلم مخالفة للشرع، وقد أمرنا الله تعالى بالعدل حتى مع الخصوم والأعداء، فقال: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللّهَ أن اللّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ » إنه مطلب عادل.. وانتظر الرد.

 

[email protected]