عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

ما أكثر الطلاب العرب الذين قصدوا المحروسة من أجل تحصيل العلوم فى زمان لم يكن التعليم الجامعى متاحاً. الآن دول عربية تعد على أصابع اليد الواحدة ولكن وسط هذه الكوكبة من الطلاب العرب الذين أصبح لهم شأن عظيم فى بلادهم يقف الشيخ سلطان القاسمى وحده منفرداً بعشق ذرات تراب مصر ويظل وحده عاشق مصر الأكبر وقد سنحت لى الظروف الطيبة أن أقترب من الشيخ سلطان بن محمد القاسمى بفضل صداقة قديمة نشأت أولاً بفضل اهتمام الشيخ وهو فى صباه المبكر بالقراءة وكان أحد الذين أدمنوا كتابات الولد الشقى السعدنى الكبير فى مجلة «صباح الخير» أيام عصرها الذهبى وظل الشيخ «سلطان» يتابع كل انتاج «السعدنى» الأدبى والفنى فى الاذاعة والتليفزيون والجرائد والمجلات وعندما أصبح طالباً فى كلية الزراعة فى بدايات الستينيات من القرن الماضى وهى الجامعة التى كانت تنتج مواهب نادرة فى شتى المجالات.. هناك التقى الشيخ «سلطان» الطالب بأحد الزملاء الذى سوف يحمله القدر المسئولية الأخطر فى عالم الفنون وهو النجم الذى لم ولن يتكرر فى عالم الفن عادل إمام وبالطبع كان عمى الكبير صلاح السعدنى هو أحد العلامات المضيئة فى كلية الزراعة بحسن ثقافته وعظيم اطلاعه على الفنون والثقافة والعلوم بفضل مكتبة عامرة للولد الشقى الشقيق الأكبر أبونا الأجمل محمود السعدنى.. وكان عادل إمام وصلاح السعدنى يسبقان الشيخ «سلطان» بعدة سنوات ولكن المنتصر بالله كان زميل دراسة سنة بسنة للشيخ.. وتشاء الأقدار أن يتخرج الشيخ «سلطان» فى كلية الزراعة بتقدير رفيع ويمضى إلى حيث وطنه الأم، حيث تولى عدة مناصب رفيعة حتى وقع على شخصه الطيب الودود الاختيار ليكون قائداً للمسيرة وحاكماً للإمارة التى كان لها من صفات الشيخ نفسه الشىء الكثير.. ففى الشارقة سنجد روحاً تحببك إلى المكان وتربطك به وتسحر لبك حتى تجعلك أحد عشاق الشارقة وكان الشيخ «سلطان» عاشق مصر قد منح إمارته وأورثها حب الأمكنة وعلى رأسها أجمل بقاع الأرض وأقدمها المحروسة الطيبة الساحرة القاهرة مصرنا التى بها نباهي كل الأمم.. نعم ستشعر أنك فى الشارقة تعيش فى مصر أسبغ الله عليها نعمة النظافة والنظام الشديدين وأنا أعلم تمام العلم لو أن إمكانيات الشيخ «سلطان» تسمح لمنح مصر كل ما يملك من أجل أن يجعلها المكان الأجمل فى الكون بأكمله والرجل بالفعل يصنع المستحيل من أجل أن يرسم البهجة والجمال على وجه الحياة فى أرض مصر.. وهو رغم مرض ألم به منذ سنوات عديدة وهو يرقد فى المستشفى بعد إجراء جراحة كبيرة لم يتحدث إلى أى قناة فضائية إماراتية ولم يوجه كلمة إلى أى مخلوق ولكنه وعبر منى الشاذلى تحامل على الألم ووجه كلمة إلى مصر فى عز أزمتنا بعد ثورة 25 يناير وجاءت كلماته معبرة مؤثرة كأحد أبناء مصر المخلصين ومن الطبيعى أن تكون مصر حاضرة فى خريطة اهتمام حاكم الشارقة فى كل وقت من أوقات الفرح كما فى أوقات الشدة فقد تكونت الهوية وتطبع الشيخ بالطباع الطيبة لأهل مصر والتى كانت هى اختياره المفضل على الدوام أيام الزمن الأجمل فى ستينيات القرن عندما كانت مصر قلعة للأحرار فى كل بقاع العالم وعندما تحولت القاهرة إلى كعبة لكل لاجئ فيها يجد أمانه وأمنه وفوق ذلك كانت أحلام مخملية قد بدأت تداعب كل أبناء وطننا العربي فى وحدة تجمع هذا الكيان الممتد من المحيط إلى الخليج وتجسدت هذه الأحلام فى شخص الرجل والزعيم الذى منح القومية العربية قبلة الحياة ومدها بعصير عمره ودمائه جمال عبدالناصر وكان الشيخ «سلطان» هو أحد هؤلاء الشباب الذى تأثر باذاعة «ناصر».. ذات الهوية القومية العربية الثائرة فكرس حياته من أجل طرد المستعمر من الدولة التى انتمى إليها والتى عرفت بعد ذلك باسم دولة الإمارات العربية المتحدة.. قاوم الشيخ «سلطان» الوجود البريطانى متمثلاً فى قواعد عسكرية وجوية وساهم فى إشعال النيران فيها وتكبيد قوات الاحتلال خسائر فادحة ولهذا كان للحلم أن يتحول إلى حقيقة بالمجىء إلى مصر ليعيش فورة القومية العربية وهى ترتفع إلى عنان السماء وكل الأنظار تتجه إلى القاهرة التى انطلقت لتبهر العالم بتجمعات أثارت حفيظة وخوف القوتين العظميين عندما دعا إلى كتلة عدم الانحياز مع رفاق دربه «نهرو» و«تيتو».. كانت أياماً ترتفع فيها رؤوس العرب إلى السماء تلك التى حضرها الشيخ «سلطان» طالب فى القاهرة وفيها صاحب الصغار واهتم بالبسطاء قبل غيرهم من الناس وحرص على الصلاة فى أحد مساجد الدقى بالقرب من قسم الشرطة هناك، حيث تعرف على أكبر عدد من العاملين وأبناء الحى وحتى هذه اللحظة لا تزال أياديه البيضاء تمسح عنهم عناء ما يلاقون من أمراض ووعكات وعقبات فى رحلة الحياة .منذ أيام والشيخ «سلطان» يمضى بين أهله وأحبته فى مصر يستعيد ذكريات الأيام الأجمل ويزور الكتبخانة، حيث زودها الشيخ «سلطان» بما ندر من أمهات الكتب التى جمعها من أنحاء المعمورة من أجل أن يعوض مصر عما فقدته فى حريق المجمع العلمى ثم يتجه إلى نقابة الصحفيين ليفتتح أحد مراكز التدريب التى مولها بنفسه ليصبح مركزاً عالمياً بما بلغت من إمكانيات وتكنولوجيا سوف ترتفع بقامة المهنة.. ومع عبدالمحسن سلامة الزميل الفاضل الذى يكيفيه فخراً انه ترك لنا هذا المركز وأجد الشيخ «سلطان» بمجرد أن استمع إلى حلم يراود الصحفيين من قديم الأزل بإنشاء مستشفى يضمن لهم رعاية صحية طيبة وعلى أعلى المستويات.. فإذا بحاكم الشارقة الرجل الذى رد الجميل بأفضل منه بالتأكيد يتبرع بإنشاء هذا الصرح الطبى دون أن يحدد رقماً.. والأمر الذى يعنى أن الشيخ «سلطان» تبرع تبرعا مفتوحًا حتى اقامة وانتهاء الصرح الطبى.. ومن نقابة الصحفيين إلى كلية الزراعة وفى البيت العلمى الذى شعر سلطان القاسمى انه أحد أبنائه على مر الزمن.. هذا الصرح من حُسن طالعه بالتأكيد إن الشيخ «سلطان» انتمى إليه ذات يوم.. فها هو وفى كل عام يضيف إلى ذلك المكان شيئاً قد لا تتطلع إليه أحلام اليقظة ولا يخفى على أحد مساهمات الشيخ فى الارتقاء بهذا الصرح العلمى عاماً بعد عام وفى هذه الزيارة سمع الشيخ «سلطان» أن صديق رحلة الدراسة الفنان الجميل المنتصر بالله يحضر الحفل الخاص بالترحيب بصاحب السمو هو والسيدة حرمه وابنته، وعلم الشيخ أن الأحوال الصحية للمنتصر بالله ليست على ما يرام وانه لن يستطيع أن يذهب إلى حيث يجلس الشيخ فما كان من الرجل الطيب الفاضل المتواضع حاكم الشارقة إلا أن قام وأصر على الذهاب، حيث يجلس «المنتصر» وحرص على أخذ الصور التذكارية معه.

لقد كانت مصر الرسمية ومصر الشعبية تحتفل بمجىء ابن مصر البار سلطان القاسمى الطالب الذى عشق البشر والحجر فى بر مصر ولم يبخل على مصر بما منحه الله من خيرات فى بلاده.

تحية من أعماق القلب إلى الرجل الذى فتح لنا أبواب الشارقة على مصراعيها كلما ضاقت بنا السبل فى رحلة نفي السعدنى الكبير أيام غضب الرئيس «السادات» عليه.. كانت الشارقة هى المحل الأرحب والملجأ الآمن.. وعندما غضب صدام حسين من السعدنى الكبير.. لم يجد سوى الشارقة مقراً ومستقراً ولم يجد سوى الشيخ «سلطان» بعد المولى عز وجل نصيراً ومدافعاً.

سمو الشيخ «سلطان» نسأل الله أن يرعاك ويمنحك الصحة والعافية فقد أثبتت التجارب إن لمصر عشاقًا لا يعدون ولا يحصون.. وعلى رأسهم سوف تبقى الأكبر والأنفع.