رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على فكرة

 

لم أصدق عينى وأنا أقرأ تحقيقاً مخيفاً نشرته مجلة روزاليوسف فى عددها الصادر فى 26يناير الماضى.

ولا أريد أن أصدق أن أكثر من أسبوعين قد مرا، دون أن أقرأ او أسمع تصريحاً رسمياً من أى جهة، يتعهد بالتصدى لما نشرته المجلة، والبدء فى معالجة المشاكل التى أدت إليه.

اقتحمت الزميلة «منى عطا» المحررة بمجلة روزاليوسف، عش الدبابير، وقامت بزيارة تتسم بالجسارة لقريتين من قرى محافظة الفيوم وهما قريتا «البكباشى» و«القطبى» لتكشف لنا عالماً سرياً مليئاً بالمآسى، يتمدد ويفرض سطوته، بعيداً عن أعين الدولة وسلطة القانون.

قريتان تتسمان- كمعظم القرى المصرية- بالفقر وغيبة الخدمات الأساسية وفى القلب منها المياه النظيفة، حيث تستخدم مياه المصارف الملوثة فى الشرب والاستحمام مما يتسسب فى انتشار الأمراض المتوطنة، وبينها البلهارسيا وفيرس سى الذى تبذل الدولة جهوداً جبارة للقضاء عليه.

ومن قلب هذا الخلل، ينفذ شيوخ ينتمون لجماعة الإخوان وللحركات السلفية للسيطرة على القريتين، والتحكم فى مصائر من يقطونون بهما، وتحدى السلطات المحلية، بمنع موظيفها من الدخول إليهما.أما السلاح الذى يمكنهم من الهيمنة والسيطرة، فهو وفرة هائلة من الأموال، تستخدم فى تقديم المساعدات الغذائية للأهالى والمساعدات المالية التى تنصرف إلى تسديد مصروفات المدارس والتعليم الجامعى للشباب، وتخصيص إعانات شهرية لهم، وتوفير الملابس والكتب الدراسية، مجاناً، وبهذه الطريقة تعد تلك التنظيمات الإرهابية جيشاً من هؤلاء الشباب للالتحاق بها بعد انتهاء دراستهم، وربما قبلها كذلك.

لكن أخطر ما يحدث فى تلك القرى هو انتشار ظاهرة تعدد زواج الشيوخ من قاصرات بموافقة الأهل، وهى موافقة مرهونة بالمال الذى يقدمه الشيخ مقابل زواجه من طفلة، فضلاً عن اتساع الظاهرة وشيوعها، بحيث باتت من الأمور المألوفة غير المستهجنة، برغم أنه زواج غير موثق، وبالتالى فطفلات هذا الزواج لا يقيدين، ولا يحملن أى أوراق ثبوتية.

الظاهرة الأخرى إجبار الشيوخ النساء القرويات على ارتداء النقاب، وإلا تعرضن للأذى، والحرمان من المساعدات، التى غدت تشكل الدخل الوحيد للأسر فى القريتين.

يحدث هذا فى الفيوم برغم أنها تعد واحدة من أهم محافظات الجذب السياحى فى شمال الصعيد، لقربها من القاهرة من ناحية، ولما تحتويه من آثار فرعونية ورومانية وقبطية وإسلامية، بالإضافة إلى عدد من المحميات الطبيعية، من ناحية ثانية.

ما يجرى فى قرى الفيوم، صورة طبق الأصل مما فعلته حركة طالبان فى أفغانستان، حين تولت حكمها فى الفترة من 1996 وحتى 2012.

وعلى مدى 16 عاماً، أرغمت طالبان النساء على ارتداء البرقع أو النقاب، لأن وجه المرأة كما يقول قادتها «مصدر للفساد».

كما منعت المرأة من التعلم بعد سن الثامنة، الذى تكون فيه قد تدربت فقط على قراءة القرآن.

كما شجعت على زواج القاصرات، ونفذت عقوبات الرجم والضرب للنساء فى ميادين عامة بهدف الردع وإشاعة الذعر.

هذا فضلاً عما قامت به من نسف تمثالي بوذا التاريخيين بالدناميت، اللذين يعود بناؤهما إلى القرن السادس الميلادى، وتعتبرهما اليونسكو ضمن التراث العالمى. وبرغم كل هذا الخراب والدماء التى أسالتها طالبان من داخل أفغانستان وخارجها، تتفاوض معها الآن الولايات المتحدة الأمريكية لإعادتها للمشاركة فى الحكم، وفى مقابل عدم تعرضها للمصالح الأمريكية!

توقفت طويلاً فى تحقيق روزاليوسف، أمام قيام أهالى القريتين بالشكوى للمحافظة من أوضاعهم البائسة، ووعد مسئولوها بإرسال لجان للمعاينة، وتفسيرهم أن الوعد لم ينفذ، لأن الشيوخ سوف يمنعون اللجان من الدخول.

لا يبقى على وضع كارثى كهذا، سوى أن يعلن هؤلاء الشيوخ، أن القريتين إمارتان مستقلتان، طالما تصمت السلطات التنفيذية عن مواجهة تحكم قوى إرهابية تكفرية فى مصائر المواطنين، وتركها للقيام بالمهام المنوطة بتلك السلطات!