رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

 

زمان وياما كان زمان يتمايل المستمع طربا ونشوة عند سماعه طربا من ام كلثوم او حليم او فريد.. تري رجالا ونساء هم بالأحري هوانم وبهوات يحركون رؤوسهم من فرط المتعة السمعية، حيث تخلق النغمات مع اعذب الكلمات مسارا خاصا داخل روح المستمع فيستجيب الجسد في حركات بسيطة راقية هي اشبه بسباحة في عالم من الخيال والسحر والسمو.. أداء قامات الطرب وقتها وعظمائه كان محرضا قويا علي الاحترام والتقدير فيرتفع الفنان الي مرتبة بعيدة المنال فتحيطه هالة من نور ويصبح من الصعب تصوره كائنا بشريا  له مالنا من صفات ..فإذا ما اندمج في عالمه المغزول بعذب الكلام وسحر الألحان واتي بحركة او ضحكة او اخذ يعيد كوبليه او اطلق آهات بلحن من عنده يصفق المستمعون ويهللون لهذه «السلطنة»

وبحب شديد قد تخرج كلمات حماسية تطالب بالإعادة كالجملة الشهيرة «تاني يا ست» ويا سلام يا ست والله يا حليم. انها صلاة من نوع خاص في محراب الفن والابداع يغذي الروح ويحرك المشاعر.

في هذه الايام يخرج شخص مريب في هيئة بشعة بصوت منكر علي الحان هيستيرية تستجيب لها الاجساد بـ«التنطيط» والصراخ. ويقع مستمعوه في بئر عميقة من فوضي الحركات العصبية المجنونة تهتز خلالها مناطق في الجسد في شكل مهين مع ايماءات وايحاءات قذرة مع ايهام الرائي ان باليد اسلحة بيضاء سكاكين ومطاوي ورشاشات والاتيان بمشاهد تهديد بالذبح او توجيه ضربات قاتلة لكل انحاء الجسد.. يتساوي في هذا التفاعل الشباب والفتيات والاطفال يمثلون ادوار «مجرمين وبلطجية» الكل يهتز علي جملة لحنية واحدة تقريبا. وقائد هذه المهزلة يدس كلمات خادشة للحياء ويعاقب عليها القانون في أداء اشبه بحركات السكاري والمدمنين.

زمان وياما كان زمان يجتهد المطرب ليختار اسما فنيا لائقا فيختصر من اسمه او يستبدله باسم في محاولة للتقرب لجمهوره والبحث عن سبيل لقلب مستمعيه لنجد عبدالحليم حافظ بدلا من عبدالحليم علي شبانة. وتكتفي ام كلثوم باسمها لصعوبة ان يعرفها الجمهور بـ«ام كلثوم ابراهيم البلتاجي»، ثم يأتي دور النقاد والعشاق من الجمهور ليمنحوا محبوبهم لقبا يزيده جمالا وتميزا فـ«حليم» هو «العندليب» وأم كلثوم او «ثومة» «كوكب الشرق» وليلي مراد «القيثارة» وفايزة احمد «كروان»، حتي تدليل المطرب تعبيرا عن العشق كان لا يخلو من احترام وتوقير.

من المؤسف ان يتصدر التجمعات السعيدة والحفلات والافراح اشخاص احترفوا تخريب الطرب وتشويه تراثنا الغنائي دون مساءلة، اذ دأب هؤلاء علي اقتباس جملة من كنز غنائي ليضعوها في مستنقع من الالحان والكلمات المشوهة.. من المؤسف ان تبحث عن مقطع «اطاوع في هواك قلبي» فتجد نفسك امام مغنٍ اساء استخدام صوته ـ وهو بالمناسبة قوي ومقبول في اطار الغناء الشعبي ـ  لكنه  صنع من رائعة  ام كلثوم مهزلة اخلاقية.

احيانا اشفق علي ابنائنا لشدة تيار الاسفاف عليهم ووقوعهم ضحايا لأصوات «بيكا وشطا وسنوفا والدخلاوية والمدفعجية وسعيد الهوا»

يخطئ من يظن ان ما يقدمه هؤلاء غناء شعبيا؟؟

ابحثوا في دفاتر الطرب الشعبي عن عبدالعزيز محمود، محمد العزبي ..رشدي .. حسن الأسمر، وعدوية الذي هاجمه النقاد في بداياته وعرفنا نحن الآن قيمته الحقيقية عندما خرج علينا الزمان بهؤلاء المخربين.